رجال أعمال: تعدد أسعار الصرف يدمّر الاستثمار في مصر

رجال أعمال: تعدد أسعار الصرف يدمّر الاستثمار في مصر

25 أكتوبر 2015
نقص النقد الأجنبي يؤرق مصر (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
قال عدد من قيادات منظمات الأعمال المصرية إن وجود أسعار متعددة لسعر العملة في البلاد يدمر مناخ الاستثمار، ويحول دون جذب استثمارات جديدة وتنشيط الاستثمارات القائمة.

ووجه هؤلاء انتقادات حادة لسياسات محافظ البنك المركزي المستقيل، هشام رامز، خاصة السياسة النقدية، التي قالوا إنها ألحقت بهم أضرارا كبيرة، وطالبوا المحافظ الجديد، طارق عامر، بإصلاح هذه السياسات إذا كانت الدولة ترغب في جذب استثمارات خارجية أو حتى الحفاظ على الاستثمارات القائمة، كما طالبوه بإعادة ضبط سوق الصرف في مصر وتوفير العملة الصعبة لمجتمع الأعمال.

وتعاني مصر مؤخرا من شح العملة الصعبة "الدولار"، تزامنا مع خفض العملة المحلية "الجنيه المصري"، بالإضافة إلى ارتفاع احتياجات السوق من الدولار، والتي تقدر بـ80 مليار دولار، وفق آخر تصريحات المحافظ المستقيل، فيما تقول تقارير غير رسمية أن الاحتياجات أكبر بكثير مما صرح به هشام رامز.

وقال فؤاد أمين، رئيس جمعية مستثمري مدينة 15 مايو، جنوب القاهرة، لـ"العربي الجديد"، إن هناك أسعارا متعددة للصرف في مصر، وهو ما يربك المستثمرين.

وأضاف: "للعملة المصرية، بالنسبة إلينا كمصنعين، 4 أسعار، الأول بالبنوك، والثاني بمكاتب الصرافة، والثالث عند الضرائب، والرابع عند الجمارك، إضافة إلى سعر خامس في السوق السوداء غير الرسمية. لابد أن يقوم البنك المركزي بفرض سعر موحد للدولار أمام الجنيه في كافة مؤسسات الدولة".

ودعا محافظ البنك المركزي المصري الجديد إلى دراسة القرارات التي تسببت في اختفاء الدولار.

ورأى أمين أن على المركزي المصري أن يعيد النظر في الفترة المقبلة في عدد من القرارات التي أضرت بالاقتصاد المصري بشدة، من قبيل قرار الحد الأقصى للإيداع بالدولار، الذي تسبب في وقف المصانع والشركات بسبب تأخر وصول مستلزمات الإنتاج، وقال: "في مدينة 15 مايو فقط، توقف 134 مصنعا خلال 3 أعوام".

يذكر أنه في فبراير/شباط الماضي، فرض البنك المركزي المصري حدا أقصى للإيداع النقدي بالدولار في البنوك عند 10 آلاف دولار يوميا للأفراد والشركات، وبإجمالي 50 ألف دولار شهريا.

كما طالب أمين بوقف استيراد السلع الترفيهية والكمالية حتى يتوفر الدولار للسلع الرئيسية، مشددا على ضرورة ضبط المركزي لسوق الصرف ووقف السوق السوداء التي ترفع سعر الدولار للمستوردين، ما يرفع الأسعار.

ولفت أمين إلى ضرورة أن يسعى المحافظ الجديد للمركزي المصري إلى تيسير إجراءات تحويل العملة، والتي تزداد تعقيدا بالبنوك، حسب تعبيره.

وقال الرئيس التنفيذي لجمعية رجال أعمال محافظة الإسكندرية، معتز الطباع، إن "الخطوات السابقة التي قام بها رامز في خفض العملة توحي بالعصبية وغياب الرؤية، وكان الأجدر به أن يقدر على خفض قيمة العملة بنسبة تتراوح بين 5 و6% سنويا أو أن يترك ذلك لحركة السوق حتى لا يحدث ارتباكا في السوق".

وأضاف الطباع، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "نتطلع إلى أن يقوم طارق عامر بحزمة من الإجراءات لتوفير الدولار، وأن يتم منح صلاحيات واسعة للبنوك المصرية في قراراتها التمويلية مع متابعتها في الوقت نفسه، والتخفيف من سيطرة البنك المركزي على البنوك".

وأوضح أن "قطاع الأعمال المصري يحتاج إلى توسع البنوك في عمليات التمويل، خاصة أنها متقاعسة منذ فترة كبيرة عن تقديم أي تمويل لكثير من المشاريع رغم أهميتها".

اقرا أيضا: حسن مالك.. اقتصادي مصري يواجه قمع العسكر

وتابع: "يجب أن تستجيب البنوك فيما يخص فتح الاعتمادات المستندية للمستوردين، وتحديدا تلك التي تحتاج إلى استيراد فوري كالخامات ومستلزمات الإنتاج حتى لا تتوقف المصانع عن العمل".

واستنكر الطباع توفير الدولار لاستيراد سلع تعتبر من الكماليات، وإن تم ذلك عبر السوق السوداء، في حين تزداد الرقابة على السلع العامة والاستراتيجية، بفرض إجراءات تعقيدية، مما يعطل الإنتاج.

وكانت آخر بيانات المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء أشارت إلى أن مصر استوردت في 5 أشهر فقط سلعا كمالية وترفيهية بقيمة تصل إلى 6 مليارات دولار.

ضرب الاستثمار

قال رئيس مجلس الأعمال المصري اليوناني، مدحت اسطفانيوس، إن "على البنك المركزي أن يلعب الدور المنوط به في السياسة النقدية بما يحقق صالح الاقتصاد المصري، وأن يقضي على ازدواجية سعر الصرف..أن تكون هناك سوق واحدة للعملة هي السوق الرسمية التي تتم من خلال البنوك والصرافات".

ولفت اسطفانيوس إلى أن على البنك المركزي المصري أن يتخذ خلال الفترة المقبلة قرارات صائبة، وإن اقتضت الضرورة مزيدا من خفض قيمة الجنيه، لكن الأهم أن يتم تدبير النقد الأجنبي لتفادي توقف المصانع عن العمل وتعطيل الإنتاج.

وذكرت تقارير مصرية غير رسمية أن السنتين الأخيرتين شهدتا توقف ما يصل إلى 6 آلاف مصنع في مصر عن العمل لعدة أسباب، منها عدم توافر الدولار، والعجز عن استيراد مستلزمات الإنتاج، وهو ما دفاع اسطفانيوس إلى القول: "طالما أن هناك سعرين للدولار، أحدهما في البنوك وآخر في مكاتب الصرافة أو السوق السوداء، فلن يكون هناك مناخ استثمار حقيقي في مصر، ولن نستطيع جلب أي استثمارات أجنبية".

لكن رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، حسين صبور، كان له رأي آخر، إذ قال إن "محافظ البنك المركزي المستقيل، هشام رامز، استطاع أن يقدم كل ما لديه في وقت صعب.. شح الدولار بمصر سببه قلة الإنتاج وتراجع الصادرات والسياحة ونمو الواردات".

وأضاف صبور، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "إذا لم نصلح من أحوالنا كشعب، وتعود السياحة إلى مستوياتها الطبيعية، ونقلل من الاستيراد، وترتفع الصادرات، ونحاول جذب استثمارات أجنبية، فلن يكون بمقدور المركزي المصري ضبط السوق".

بدوره، قال علاء السقطي، عضو المجلس التنفيذي لاتحاد جمعيات المستثمرين، إن قرارات خفض الجنيه المتتالية أضرت بالعملة وأربكت السوق، ثم أضاف: "لا بد من تقييم حقيقي للجنيه، وأن يكون الدولار متاحا حتى لو ارتفع سعره، لكن لا بد من توافره حسب التزامات رجال الأعمال والمستثمرين حتى يتمكنوا من سداد مستحقاتهم".

وطالب السقطي البنك المركزي المصري بتحرك فوري وفق خطة واضحة لجلب العملة الصعبة.

اقرأ أيضا: الخلافات مع الحكومة ورجال الأعمال تطيح بمحافظ المركزي المصري

المساهمون