دور وطني ضعيف للجامعات الفلسطينية

دور وطني ضعيف للجامعات الفلسطينية

02 فبراير 2015

طلبة جامعة بيرزيت يحيون ذكرى رحيل ياسر عرفات (11نوفمبر/2014/أ.ف.ب)

+ الخط -

تلعب الجامعات ومؤسسات التعليم العالي دوراً كبيراً في مجال التنشئة، أو التربية الوطنية، وتعزيز قيمها، بالإضافة إلى دورها التعليمي، فلطالما شكّلت الجامعات حاضنة كبيرة للشباب الذين قادوا ثورات، أو أصبحوا قيادات لاحقاً، لا سيما في حالتنا الفلسطينية، فقلّما تجد طالباً غير مؤطّر حزبياً أو حركياً. وقد خرّجت الجامعات الفلسطينية، لا سيما النجاح وبير زيت والإسلامية، جيل الثمانينيات الذين أصبح كثيرون منهم قادة ومسؤولين ووزراء، نشأوا وتأسسوا وطنياً في الجامعات والسجون، إلا أنها باتت، اليوم، بيوتاً خاوية، تُقاد ولا تقود، وفي أفضل حالاتها، تكون بوقاً سياسياً، أو منبراً تحركه الأصابع الخفيّة، كالدُمى تماماً.

ويعتقد كثيرون، مثلي، أن الدور التعليمي للجامعات أيضاً تراجع، في عصر التطور العلمي والتكنولوجي الذي ينبغي أن يشهد تطوراً متسارعاً، فمخرجات التعليم ليست في المستوى المأمول، ودور الجامعات في غرس القيم الوطنية تطوّر شكلاً ولم يتطوّر كثيراً في المضمون. وإذ اضطلعت الجامعات الفلسطينية بدور تنويري تعليمي تثويري، فقد خفت هذا الدور بعد مجيء السلطة، وكأن وجود الاحتلال، بشكل مباشر، يؤدي بالشباب إلى الاصطدام والتحدي والتصدي والمثابرة وعدم الاستكانة.

وأظهرت دراسة للدكتور بسام عايش النجار، عن دور مؤسسات التعليم العالي في تعزيز القيم الوطنية وتنمية الحس الوطني لدى الطلبة، أن الأنشطة الطلابية واتحادات الطلبة تلعب الدور الأكبر في هذا الجانب، بالإضافة إلى دور متطلبات الجامعة ودور إدارات مؤسسات التعليم العالي أيضاً. ولا شك أن غرس مبادئ التربية الوطنية يبدأ من المرحلة الأساسية، ويمتد حتى نهاية المرحلة الجامعية، ضمن حلقات تأسيسية تكمل بعضها، لتنشئة جيل قادر على البناء وتحقيق التنمية، فلا خير في جامعاتنا إن لم تعمل على تنمية القيم العلمية والروحية، وتنشئة أفراد منتمين لوطنهم وعروبتهم، واحترام الحريات العامة والحقوق.

وأتفق مع الإعلامي التربوي، ناصر العيسة، في أن الجامعات حاضنة، لكنها ضعيفة وغير فعّالة ومدفوعة ومتأثرة بالمتغيرات، وتعمل بردّ الفعل لا الفعل. فالدور الوطني للجامعات يجمع النقيضين، فهو تطوّر من حيث التعمّق في الحزبيّة والتحزّب والانتماء إلى الحزب والحركة الجامعية إلى حد الانقسام، أكثر من التركيز على البعد الوطني للجامعة عموماً، والحركات الطلابية خصوصاً. وفي بيئة كهذه في الحرم الجامعي، لم نسمع أن جامعة دعت الكتل الطلابية فيها إلى نقاش كهذا يراجع الدور الوطني الذي تعمل به الجامعة، والحركات الطلابية.

وفي هذا الإطار، تراجع الدور الوطني للجامعات في "إدارة" الحياة الطلابية والتركيز على التربية والأولويات الوطنية. فقد اختفت حلقات النقاش، ولم تبادر أية جامعة أو حركة طلابية في جامعة ما إلى إنشاء "حوار وطني طلابي" على أي موضوع، ثم لم تبادر أي منها إلى بناء "خطة استراتيجية"، أو عملياتية للحركات الطلابية بخصوص التثقيف والتربية الوطنية.

وذكر الباحث علي أبو زيد، في نقاش تربوي، أن برامج التعليم الجامعية المتعلقة بتاريخ فلسطين والصراع مع المحتل برامج ومساقات محدودة، كمّاً وكيفاً وتأثيراً. الأمر الذي يتطلب زيادة الأنشطة والبرامج المتعلقة بتاريخ فلسطين الحديث، وتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية وتاريخ الحركة الصهيونية... إلخ.

فدور الجامعات في فلسطين لا ينبغي أن يقتصر على تعليم الطلبة المساقات الأكاديمية المتنوعة؛ بل، أيضاً، إعادة بناء الثقافة الوطنية، بحيث تكون قادرة على تحقيق الأهداف الوطنية، من خلال أجيال متعلمة ومسيسة واعية؛ لتستطيع مواجهة الصعوبات والمخاطر أمام تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني. والواضح أن ضعفاً كبيراً أصاب الدور التعليمي الأكاديمي للجامعات، وكذلك الدور الذي يجب أن تضطلع به هذه الجامعات في مجال التربية الوطنية.

على الأكاديميين والمثقفين أن يقوموا بالدور المأمول منهم، فلطالما كانوا القادة الموجهين، باعتبارهم نخبة تستشرف المستقبل، وتؤصّل لجميع الفئات، لا سيما السياسية.