داعش .. خيار استثنائي للصمت العربي

داعش .. خيار استثنائي للصمت العربي

09 سبتمبر 2014
+ الخط -

حينما يذكر اسم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، فإنك على الفور تجد في نفسك امتقاعاً وامتعاضاً تجاه هذا التنظيم، كونه يسعى إلى تقويض الكيان العربي الذي لم يكن متحداً يوماً ما، حتى في ظل قيام مؤسسات مثل جامعة الدول العربية، وتجد نفسك في هيئة المناهض لهذا التنظيم الذي يوصف، ليل نهار، بالدموية والبعد عن شعائر الإسلام الحنيف، وتجدك مشدوهاً في حمية إلى البرامج الفضائية التي قل عدد مشاهديها، وتتناول أمر هذه الدولة المزعومة، والتي تسعى إلى إقامة دولة جديدة تحكم المنطقة العربية، وتنطلق منها إلى أوروبا لحكمها وسيادتها .

ولقد بات الموضوع مكرراً وباهتاً، بصدد الحديث عن مذابح ارتكبت في العراق على أيدي تنظيم داعش، الأمر الذي لم يدع للعقل برهة في التفكير بشأن هذا التنظيم الذي بدا جسماً غريباً داخل نسيج دول المنطقة العربية.

والقضية التي تحتاج إلى تأويل، اليوم، هي حرص حلف شمال الأطلسي على موافقة دول المنطقة العربية بشأن توجيه ضربات عسكرية مباشرة صوب تمركز تنظيم داعش. ومن ناحية أخرى، ما جاء في سياق خطاب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، عن أن هذا التنظيم يمثل خطراً حقيقياً على الدول العربية، وأنه يسيء إلى الدين الإسلامي، وهذا يعيدنا إلى تقرير عقلية الإدارة الأميركية، والدول الحليفة لهذه الإدارة التي لا يمكن الغفلة عن دورها في صناعة داعش والقاعدة وغيرهما من تنظيماتٍ مسلحة، قامت بتعزيزها تارة وبتكريس قواعدها تارة أخرى، في بورما وكشمير وأفغانستان وباكستان، وبعض مناطق شبه الجزيرة الهندية. 

لم تشر الإدارة الأميركية، من قريب أو بعيد، إلى خطورة تنظيم داعش على الكيان الصهيوني، على الرغم من قربه والتصاقه المكاني بوجود هذا التنظيم وأعماله الوحشية، هي بحق تعترف، اليوم، بانفلات تنظيمها الوليد الذي زرعته في بؤرة مضطربة بالأحداث السياسية.

ومناخ المنطقة لا يسمح بمغامرة أميركية جديدة، من أجل الدخول في صراع عسكري مع فصيل مثل داعش، إلا بمباركة حميمية مع دول المنطقة، لكن المشكلة الحقيقية هي حالات الصمت المتوالية من الحكومات العربية عموماً، ومن جامعة الدول العربية التي استمرأت السكوت الطويل، لكن اليقين الذي لا يحتمل الشك أن الخطاب السياسي الأخير للرئيس الأميركي باراك أوباما، يسعى، هذه المرة، إلى استقطاب الحكومات العربية وليس الشعوب، لأنها أدركت حجمها وسط فورة الغليان الشعبي وقوة الثورات التي اشتعلت في المنطقة، ولم تعد الخطط الاستراتيجية المتعلقة بالديمقراطية والثقافة المدنية صالحة للتداول مرة أخرى، أو مسعى ترويجها بين مواطني الدول العربية سالكاً، فكانت العودة إلى تراث الخطاب السياسي الأميركي الذي يعزف على أوتار الدين.

avata
avata
بليغ حمدي إسماعيل (مصر)
بليغ حمدي إسماعيل (مصر)