حكومة داوود أوغلو: مهام وتحديات في الداخل والخارج

حكومة داوود أوغلو: مهام وتحديات في الداخل والخارج

25 اغسطس 2014
التحديات تشمل تداعيات الحرب في سورية والعراق (الأناضول/GETTY)
+ الخط -
يكلف الرئيس التركي المنتخب، رجب طيب أردوغان، أحمد داوود أوغلو بتشكيل الحكومة، إما في يوم التنصيب في 28 من الشهر الجاري، أو في اليوم التالي، أي 29 أغسطس/ آب، إذ على داوود أوغلو أن يتقدم بتشكيلته الوزارية أولاً إلى رئاسة الجمهورية لنيل الموافقة عليها، ومن ثم إلى البرلمان لكسب الثقة، ومن المتوقع أن تنتهي هذه العملية في الأيام العشرة الأولى من سبتمبر/أيلول المقبل.

ستواجه الحكومة الجديدة التي سيرأسها داوود أوغلو، العديد من المهام والتحديات، ويتربع على أجندتها العديد من القضايا الحساسة، أهمها عملية التسوية مع حزب العمال الكردستاني، والحرب الدائرة خلف الحدود الجنوبية في كل من سورية والعراق، ودعوة أردوغان لـ"تنظيف" الحكومة من أعضاء "الكيان الموازي" أو الغولانيين، كما يسميهم، في إشارة إلى قائد حركة "الخدمة"، الداعية الديني فتح الله غولان، ليتقدم الملف الاقتصادي والسياسة الخارجية على جدول أعمال وزير الخارجية، الحالي، رئيس الحكومة المقبلة، وبذلك يكونان من أول التحديات التي سيواجهها داوود أوغلو.

تحتاج الحكومة الجديدة إلى الحفاظ على نمو مستدام لتكون قادرة على جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية، لذلك من المرجح أن يستمر رئيس الحكومة المقبل بالتعامل مع نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية علي بابا جان، كونه شخصية عامة ذات مصداقية عالية بين المستثمرين.

لكن، بحسب المحللين، قد يطلب علي باباجان بعض الضمانات للاستمرار بالعمل، من بينها عدم تدخل مستشار أردوغان للشؤون الاقتصادية، يغت بولوت في عمله، بما أن العلاقات بين الشخصين متأزمة، وبدت واضحة في أزمة "بنك آسيا" التابع لحركة "الخدمة" عندما ظهر بولوت وكذّب باباجان في الإعلام. كما قد يطلب الأخير الإبقاء على وزير المالية، محمد شمشك، وإبقاء البنك المركزي مستقلاً قدر الإمكان.

أما وزارة الخارجية، فهي المفضلة بالنسبة للكثير من الأسماء البارزة المرشحة في "العدالة والتنمية"، بعد أن أصبحت الأخيرة لأول مرة في تاريخ تركيا، الوزارة التي تجلب لرئيسها الكثير من الأسهم بغض النظر عن نتائج دبلوماسية أنقرة، خصوصاً في ظل الانتقادات الشديدة التي تم توجيهها لسياسة أردوغان الخارجية في السنوات الثلاث الأخيرة. لكن بسبب الطريقة التي تمت إدارة الملف الخارجي بها، والتي أوحت للعامة بأن تركيا تعارض الغرب، بل وتدير صراعا معه، وهو الذي "لا يريد لتركيا أن تتقدم" بحسب أدبيات حكام أنقرة. 

ومن بين الأسماء المرشحة لاستلام حقيبة الخارجية، حاقان فيدان، مدير جهاز الاستخبارات التركي الحالي، الذي يقود الكثير من العمليات الدبلوماسية السرية، لكن يستبعده الكثير من المراقبين بسبب حاجة داوود أوغلو له في إدارة عملية التسوية مع حزب العمال الكردستاني، والتي يشرف عليها منذ بدايتها في العام 2002.

كما أن هناك العديد من الأسماء الأخرى، من بينها عمر جيلك، وزير السياحة والثقافة الحالي، المعروف في الأوساط الصحافية برغبته في هذا المنصب منذ أعوام، وأيضاً نعمان كورتولموش نائب رئيس العدالة والتنمية الذي قد يرغب في هذا المنصب إن لم يستطع الحصول على حقيبة نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ليبقى مولود جاووش أوغلو، وزير شؤون الاتحاد الأوروبي، المرشح الأقرب لتسلم المنصب.

وتشير التقارير إلى أن أردوغان قد يفضل نقل مستشار رئاسة الوزراء للشؤون الخارجية إبراهيم كيليج معه إلى قصر شنكايا ككبير للمستشارين بدل كبير مستشاري عبد الله غول، أرشاد هورموزلو، كما نوّه بعض المحللين إلى احتمال تسليم ملف الخارجية إلى شخصية دبلوماسية من خارج البرلمان، الأمر الذي سيكون مفاجأة كبيرة في حال حصوله.

أما عن عملية التسوية مع "العمال الكردستاني"، فتستمر العملية الحالية كأولوية بالنسبة للحكومة الجديدة، إذ من المتوقع أن يسعى داوود أوغلو إلى الحفاظ على نائب رئيس الوزراء الحالي بشير أتلاي، كمنسق بين مؤسسات الدولة المختلفة، في ما يتعلق بعملية التسوية.

وبحسب مراقبين، فإن العلاقات القوية التي أسس لها داوود أوغلو، أثناء وجوده في الخارجية التركية، بين أنقرة وإربيل، ستكون ذات قيمة مضافة للعمل الذي تبذله الحكومة لإنهاء الصراع وإعادة السلام، لذلك من المتوقع أن يعمل داوود أوغلو على الدفع بالمزيد من التعاون بين قيادة إقليم كردستان العراق وأنقرة.

أما ما يتعلق بالحرب على "الكيان الموازي"، فقد سبق لأردوغان أن أوضح في وقت سابق من الشهر الحالي، قبل اختيار داوود أوغلو لرئاسة الحكومة والحزب، أن أهم المعايير التي سيتم على أساسها اختيار قائد الحزب الجديد، هي التزامه الكامل بالمعركة ضد "الكيان الموازي" – وهو الاسم الذي يطلقه أردوغان على حركة الخدمة بقيادة فتح الله غولان ــ حتى إتمام "تنظيف مؤسسات الدولة من أعضائها". الأمر الذي أكد عليه داوود أوغلو في خطابه إثر إعلانه قائداً للحزب بعد اجتماع اللجنة المركزية الأربعاء الماضي، مما دفع الكثير من المحللين إلى الميل نحو إبقاء وزير الداخلية الحالي إفكان آلا في منصبه، وتسليم وزارة العدل إلى مصطفى شينتوب، أحد أبرز قادة "العدالة والتنمية".

وتأتي مهمة صياغة دستور جديد وتنظيم الانتخابات العامة للعام 2015 في مقدمة اهتمامات الحكومة المقبلة برئاسة "الخوجا" داود اوغلو؛ كان الدستور الجديد من أهم النقاط التي أشار إليها أردوغان في ما يخص توقعاته من الحكومة الجديدة، فأعرب عن ثقته بالتزام داوود أوغلو بالأمر، لكن الطريقة الوحيدة لصياغة وإقرار الدستور الجديد هي أن يحصل "العدالة والتنمية" على غالبية كبيرة في البرلمان التركي في انتخابات العام المقبل، مما سيسمح له بتحقيق خطط أردوغان بتبني النظام الرئاسي بدل البرلماني الحالي.
وهو ما لا يُطمئن أردوغان ورفاقه نظراً إلى أنه في حال تم إسقاط نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل أيام، وأتت بأردوغان رئيساً مع 51.8 في المائة من الأصوات، على نتيجة انتخابات 2015، فلن يكون بإمكان الحزب الحاكم الحصول على غالبية تسمح له بتعديل الدستور من دون نسج تحالفات انتخابية مع أحزاب أخرى لن تسمح لأردوغان بتحقيق حلمه بنظام رئاسي "على الطريقة الأميركية".

المساهمون