تونس: مطالبة بسحب قانون "زجر الاعتداءات على القوات المسلحة"

تونس: منظمات بارزة تطالب بسحب قانون "زجر الاعتداءات على القوات المسلحة"

12 مارس 2020
منظمات: "قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة" يهدد الديمقراطية(الأناضول)
+ الخط -
طالب عدد من المنظمات الوطنية التونسية البارزة، خلال جلسات استماع في البرلمان التونسي اليوم، الخميس، الحكومة بسحب قانون "زجر الاعتداءات على القوات المسلحة" أو إسقاطه، محذراً من خطورته وتهديده للديمقراطية التونسية وما تحقق من حريات بعد الثورة.

وأجمعت منظمات حقوقية، في مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل وجمعية القضاة التونسيين وجمعية المحامين ونقابة الصحافيين التونسيين ونقابة القضاة ورابطة الدفاع عن حقوق الإنسان، على خطورة هذا القانون وعدم دستورية بنوده وعدم احترامه لحقوق الإنسان.

وعبر جمال المسلم، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن استغرابه لتمسك جهة المبادرة الحكومية بهذا المشروع الزجري الذي يهدد المناخ العام للحريات في تونس رغم رفضه في أكثر من مناسبة منذ طرحه في العام 2015 من قبل المنظمات والنشطاء والأحزاب السياسية.

وأكد المسلم أن لا دستوريّة لهذا القانون وإخلالاته بعدم احترامه لعدة مبادئ دستورية وقانونية، على غرار مبدأ المساواة بين المواطنين، ومبدأ التناسب بين الجريمة والعقوبة وتقنين الإفلات من العقاب، هذا إلى جانب ضبابية أحكامه، مشيراً إلى أن القوانين الموجودة كافية ويجب تنقيحها بما يلائم أحكام الدستور الجديد. من جانبها، قالت رئيسة لجنة التشريع العام بالبرلمان التونسي سامية عبو إنها تعارض هذا القانون وترفض محتواه جملةً وتفصيلاً، نظراً لخطورته وتأسيسه لعودة دولة البوليس والاستبداد. 

وأشارت عبو إلى أن الخطورة تكمن في محاولة تقنين وإضفاء صبغة قانونية على الإفلات من العقاب وتكريس الزجر المفرط وحماية ممارسات يعاقب عليها القانون.

وبينت عبو أنها مجبرة على عرض هذا القانون أمام البرلمان رغم عدم دستوريته وخطورته ورغم تعارضه مع مواقفها ورأيها، مشيرة إلى أن هذا القانون مرفوض من غالبية المنظمات والجمعيات والهياكل الحقوقية.

وتتمسك وزارة الداخلية والنقابات الأمنية في تونس بالمطالبة بتمرير قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة المعروض على مجلس الشعب منذ العام 2015.

وتعتبر المؤسسة الأمنية أن القوانين الحالية غير كافية لضمان أداء الأمنيين لواجبهم مشددة على تواتر الاعتداءات على عناصر الأمن وعلى عائلاتهم منذ قيام الثورة في غياب إطار قانوني رادع.

من جانبه، قال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي، إن هذا القانون لا يتضمن أي شيء يدلّ على توجهات للإحاطة أو التعويض لعائلات شهداء ومصابي المؤسسة الأمنية.

وأضاف الحمايدي "نجد توجهات مخالفة لنص الدستور الذي يمثل العقد الذي ينظم العلاقات بين الأفراد والمؤسسات، كما يتضمن الصبغة الزجرية والعقابية الطاغية في هذا القانون"، محذراً من الخطورة التي يكتسيها هذا القانون من حدة وزجرية مبالغ فيها وعقوبات مفرطة.

وتساءل القاضي الحمايدي خلال الاستماع للجمعية في البرلمان، عن الجهة التي أعدت هذا القانون الذي لا يوجد له مثيل في أعتى الديكتاتوريات، لافتاً إلى أن هذا القانون مخالفة صريحة للدستور ولبنوده الخاصة بالحقوق والحريات.

وأضاف الحمايدي أنه لا يوجد فراغ تشريعي لحماية القوات الحاملة للسلاح، معدداً القوانين والبنود والأوامر والقرارات التي تحمي مختلف الأسلاك الحاملة للسلاح، مبيناً أن هذا القانون ينسف ما قامت عليه الثورة من حريات ومبادئ ضمنت في الدستور، على غرار حرية الصحافة وحرية التجمهر وحرية التظاهر.

وشدد على أن جمعية القضاة تعارض هذا القانون وتعارض الفلسفة التي بني عليها هذا القانون، الذي تعد صياغته مرعبة ومخيفة وتهدد الديمقراطية والحقوق الأساسية للتونسيين.

وقال الحمايدي إن هذا القانون يعيد إنتاج منظومة الديكتاتورية ويكرس عدم المساواة أمام القانون وينسف كل الإصلاحات الدستورية وما تحقق بعد الثورة.

من جانبه، طالب نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري، بسحب مشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة، مشيراً إلى أن هذا القانون فاشي ويؤسس لعودة الدولة البوليسية المستبدة، كما أنه يمهد للانقلاب على المسار الديمقراطي.

وبين البغوري أن الشعب يريد دولة تحمي أمن مواطنيها ولكن تحمي الحريات كذلك، مبيناً أنه من الضروري توفير كل الإمكانيات لهذه القوات وكذلك الإحاطة الاقتصادية والاجتماعية، لكن من المرفوض مقايضة الشعب التونسي بالأمن مقابل الحرية.

وأفاد البغوري بأن نقابة الصحافيين ترفض القانون جملة وتفصيلاً، وتطالب بسحبه فوراً، مضيفاً أن القانون عار وفضيحة ولا يشرف تونس. 

وأوضح البغوري أن "قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة" جاء للانتقام من الشعب التونسي الذي قام بالثورة وحرمانه من عديد من الحريات، على غرار حرية الصحافة وحرية التظاهر، مشدداً على أن هذا القانون يمنح حريات مطلقة للقوات الحاملة للسلاح ويمكنها من الإفلات من العقاب.