تهويل إسرائيليّ لتغطية فشل العثور على المستوطنين

تهويل إسرائيليّ لتغطية فشل العثور على المستوطنين

26 يونيو 2014
جنود الاحتلال يبحثون عن المستوطنين في نابلس (نضال اشتيه/الأناضول/Getty)
+ الخط -

بدأت إسرائيل تتخبّط في حالة من العجز وفقدان الأمل إزاء إمكان الوصول إلى معلومة أو طرف خيط يقودها للعثور على المستوطنين الثلاثة المختفين، على الرغم من استنفارها على كافة الصعد، الاستخبارية والعسكرية والسياسية، والتصريحات التهويلية بالسيطرة على الضفة الغربية.

ولم يستطع المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، أمس الأربعاء، إخفاءَ حقيقة الفشل في العثور على المستوطنين من جهة، أو القضاء على حركة "حماس" وقواعدها في الضفة الغربية من جهة أخرى.

وتصاعد الإحباط الإسرائيلي عندما لم تتمكن حكومة الاحتلال من جرّ "حماس"، أو أي تنظيم فلسطيني آخر، حتى لو كان "خلية عفوية" غير مسجلة لدى الفصائل، إلى إعلان مسؤوليتها عن العملية، على الرغم من عمليات الاعتقال الواسعة في الضفة، وخصوصاً كوادر "حماس".

ولتغطية الفشل الحكومي أمام الرأي العام الإسرائيلي، لم يكون بوسع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أمس الأربعاء، سوى تكرار لازمة محاربة الإرهاب واتهام "حماس"، بالمسؤولية عن العملية، واعداً الإسرائيليين بمطاردة الخاطفين لحين الوصول إليهم، لكن ذلك يتطلب وفق نتنياهو "نفساً طويلاً".

ولعل أكثر نقاط وعوامل الإحباط الإسرائيلية، كانت على الصعيد السياسي والدولي، إذ لم تتمكن حكومة إسرائيل، من توظيف العملية ضد حكومة الوفاق الفلسطينية وضد "حماس"، باستثناء تصريحات إدانة من أصدقاء إسرائيل، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية، التي وعد رئيسها باراك أوباما، أمس الأربعاء، نظيره الإسرائيلي المنتهية ولايته، شيمعون بيريز، بالمساعدة في العثور على المستوطنين المختفين.

وشكلت الصفعة التي تلقتها أمهات المستوطنين الثلاثة، من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف أمس الأول، القشة التي قصمت ظهر البعير، عقب سلسلة من الانتقادات وجهها أعضاء المجلس لإسرائيل، بالتزامن مع الإعلان عن التوصل إلى تفاهم مع الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال، فخرجت عائلات المستوطنين عن صمتها وعن خطاب "الوحدة والتلاحم"، وهاجمت حكومة نتنياهو بسبب التوصل إلى تفاهم مع الأسرى المضربين عن الطعام.

وجاءت تصريحات زعيم البيت اليهودي المتطرف، نفتالي بينت، لتزيد من حالة إحباط حكومة الاحتلال عندما وظّف موقف الأمهات، وحاول إشراك وزير الاسكان، أوري أريئيل، في جلسة المجلس الوزاري المصغر، بالرغم من أنه ليس عضواً فيه. وأدت مشاركة أريئيل في الجلسة إلى حدوث مواجهة مع نتنياهو الذي طالبه بمغادرة الجلسة.

ولم يتوقف بينت عن مواصلة التصريحات المتطرفة والهادفة إلى زيادة الضغط النفسي على حكومة نتنياهو والمطالبة باتخاذ قرارات تصعيدية ضد الشعب الفلسطيني، وإعادة اعتقال كافة الأسرى المحررين، وفرض مزيد من العقوبات على السلطة الفلسطينية، بما في ذلك الرئيس محمود عباس، باعتباره "شريكاً ومشجعاً للإرهاب"، حسب الوصف الذي أطلقه اليوم الخميس، في مقابلة مع الإذاعة العسكرية.

وعلى الرغم من التصريحات الرسمية الرامية إلى طمأنة الإسرائيليين عموماً، والمستوطنين خصوصاً، من أن الحكومة والجيش الإسرائيلي سيعيدان المستوطنين، إلا أن نظرة إلى عناوين الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الخميس، توضح أن الإحباط الرسمي انعكس عملياً في حالة لامبالاة صحافية بتغطية موضوع المستوطنين.

فقد اختارت "هآرتس" في عنوانها الرئيسي تغطية قضية فساد رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، ونشاط سكرتيرته، شولا زاكن، فيما اختارت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وضع تصريح للرئيس الإسرائيلي المنتخب، رؤوفين ريبلين، حول استعداده للقاء عباس، وتخصيص الجزء الأكبر من الصفحة الأولى لموضوع الحريق الذي شب أمس الأربعاء، في جبال القدس المحتلة.

ويعكس تراجع موضوع المستوطنين من الصفحات الأولى إلى الصفحات الداخلية، قناعة لدى الإسرائيليين بأن ملف المستوطنين سيطول ولن يتم حسمه قريباً.

وجاءت تلك القناعة بناءً على حقائق رئيسية عدة، أهمها عدم صدور أي بيان من الخاطفين يدل على هويتهم أو الجهة التي ينتمون إليها، أو حتى عن مطالبهم. وثانياً إعلان قادة الجيش والحكومة أن الحملة الإسرائيلية ضد "حماس" استنفدت نفسها، وأن أعمال التمشيط العلنية لن تفضي إلى شيء، وبالتالي سيتم التحول إلى العمل الاستخباراتي السري والطويل الأمد.

ويبدو نتنياهو حائراً، ولم يعد لديه من مخرج سوى تكثيف حربه الدعائية ضد سلطة الرئيس عباس، إذ من المنتظر أن يكثّف نتنياهو حملته للتغطية على الفشل الذريع في الوصول إلى المستوطنين، بالرغم من القوة المفرطة التي استخدمتها إسرائيل.