تقرير حقوقي: النظام مسؤول عن أعمال العنف في مصر

18 يونيو 2014
آثار فض اعتصام ميدان رابعة العدوية (GETTY)
+ الخط -

أصدرت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، اليوم الأربعاء، تقريراً حول عدد من أحداث العنف السياسي التي ضربت مصر بقوة في الأسابيع التي سبقت وتلت عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013، محمِّلة الدولة المسؤولية الأساسية عمّا قد يكون أسوأ أعمال عنف في تاريخ مصر الحديث، من حيث عدد الضحايا الذي تجاوز آلاف القتلى والجرحى.

التقرير الذي أصدرته منظمة المجتمع المدني المصرية، حمل عنوان "أسابيع القتل: عنف الدولة والاقتتال الأهلي والاعتداءات الطائفية في صيف 2013"، وأكد مسؤولية الدولة الأساسية عن انتهاكات حقوق الإنسان في تلك الفترة، سواء لمشاركة قوات الأمن بشكل مباشر في هذه الانتهاكات أو لامتناعها وتقصيرها عن حماية أرواح وممتلكات المواطنين من الاعتداءات الواقعة عليهم من أطراف غير رسمية.

ويحمّل التقرير أيضاً المسؤولية عن أحداث عنف معيّنة لأعضاء وأنصار جماعة الإخوان المسلمين والمتعاطفين مع حكومة الرئيس المعزول مرسي، سواء لتورطهم في عنف مباشر ضد منشآت عامة أو ممتلكات خاصة، أو لتوظيفهم خطاباً يحضّ على الكراهية والتمييز الطائفي.

وانقسم التقرير إلى أربعة أجزاء، تناول أحدها مجزرة فضّ اعتصامَي ميدانَي رابعة العدوية والنهضة، الذي وقع يوم 14 أغسطس/آب من العام الماضي، وقد أفرد جزءاً خاصاً بهاتين الواقعتين حيث إنهما الأكبر من حيث عدد الضحايا والاستخدام المفرط للقوة وحجم الانتهاكات.

وتداخلت هذه الأنماط الثلاثة من العنف عبر الحوادث المختلفة التي يتعرض لها التقرير وينقسم إلى ثلاثة أجزاء: الجزء الأول، يغطي الفترة من 30 يونيو/حزيران 2013 حتى 5 يوليو/ تموز 2013 التي اتسمت بهيمنة العنف الأهلي. والجزء الثاني، يغطي الفترة من 8 يوليو/ تموز حتى 14 أغسطس/آب التي اتسمت بهيمنة عنف الدولة. والجزء الثالث، يغطي الفترة من 14 أغسطس/آب حتى 17 منه، والتي اتسمت بهيمنة العنف الطائفي.

ويرى التقرير أن عدد ضحايا مجزرة فضّ اعتصام رابعة، الذي استمر لمدة 11 ساعة على اﻷقل، يتراوح ما بين 499 (وفقاً لمصلحة الطب الشرعي) و932 وفقاً لبيانات المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو الرقم اﻷكثر دقة، ويقترب من تقدير رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي، الذي تحدث في الإعلام بصورة تقريبية عن ألف قتيل.

وفي ميدان النهضة بجوار جامعة القاهرة، بالجيزة، استغرق فضّ الاعتصام نحو ساعتين وأسفر عن وفاة 87 شخصاً.

وأكّد التقرير أن قوات الأمن "فشلت في التخطيط لعملية فضّ الاعتصام بغية تقليل حجم الخسائر البشرية، وأنزلت عقاباً جماعيّاً على كلّ من تواجد داخل منطقة الاعتصام، وبخاصة بعد أن قام عدد قليل، في أغلب التقديرات، من المعتصمين باستخدام الرصاص وتبادل النيران مع الشرطة".

وأوضحت مصادر التقرير أن قوات الأمن استخدمت القوة المميتة بغير وجه حقّ في أكثر من حالة، واستهدفت عدداً كبيراً من المعتصمين دون دليل على وجود سلاح معهم، ولم تكن هناك معظم الوقت مخارج آمنة فعلياً تحمي المعتصمين الراغبين في مغادرة المكان، دون التعرض لمحاولات سكان المباني المجاورة البطش بهم.

ولفت التقرير الأنظار إلى أن قيادات جماعة الإخوان المسلمين لم تبذل أي مجهود يذكر في محاولة تقليل عدد المتواجدين من أنصارهم في الاعتصام مع بدء عملية الفضّ، ووضوح حجم الخطر الكبير على المعتصمين.

ويظهر من الشهادات والمواد المتوفرة لدى المبادرة، أن عدداً من المعتصمين استخدموا أسلحة نارية، إلا أنه من الصعب تحديد الوقت الذي بدأ فيه المعتصمون استخدام الرصاص وتقدير كمية الرصاص المستخدمة.

ووفقاً للتقرير يبدو أن "عدداً من المعتصمين استخدموا الطوب والزجاجات الحارقة والأسلحة البدائية (المقاريط)، وأن عدداً أقل استخدم الذخيرة الحية وأطلق منها على قوات الشرطة، ونجح في إسقاط عدد من القتلى في صفوف الشرطة، إلا أن الواضح من شهادات شهود العيان والصحافيين وبمقارنة عدد الضحايا من الجانبين، أن الأغلبية العظمى من المعتصمين كانوا من العزّل. وأن اعتصام رابعة، تحديداً، لم يكن اعتصاماً مسلحاً على الطريقة التي كان عليها اعتصام النهضة، كما أن تصريح وزارة الداخلية الرسمي، الذي قالت فيه إن قوات الشرطة عثرت على عشر قطع من السلاح الآلي و29 بندقية خرطوش يؤكد أن التعامل مع اعتصام رابعة لم يتطلب هذه الدرجة من التدخل العنيف والاستخدام المفرط للقوة المميتة".

ويظهر أيضاً، من مقاطع فيديو لعملية فض الاعتصام، أن عدداً من القتلى لم يكن يشكل أي تهديد على الإطلاق، وأن "إطلاق الرصاص بصورة عشوائية لفترات طويلة من جانب قوات الشرطة أسقط الكثير من الأبرياء، كان بعضهم في أثناء محاولته الهرب أو الاختباء".

وإضافة لعنف الدولة، خصوصاً قوات الشرطة التي استخدمت القوة بصورة مفرطة، يظهر التقرير أهمية دراسة النمطين الآخرين من العنف خلال فترة الدراسة وهما "العنف الأهلي" و"العنف الطائفي".

ويوضح التقرير أن أعمال العنف الأهلي، أي العنف بين مجموعات مدنية غير ذات صفة رسمية، سواء كانت منظمة كتشكيلات ما يعرف بـ"البلطجية" المأجورين، أو منتمية إلى تيار سياسي، أو غير منظمة، قد استشرت في الفترة محل الدراسة.

وعلى الرغم من تواضع مستويات التسليح المستخدمة في هذه الصدامات، إلا أنها أدت إلى حصد أرواح عشرات من المصريين وجرح مئات وفقدان عديدين لممتلكاتهم.

وتؤدي أعمال العنف الطائفي، أي ممارسة العنف ضد المنتمين إلى جماعات دينية بعينها دونما تمييز، وعلى أساس هويتهم الدينية، إلى تحميل الضحايا مسؤولية مواقف سياسية معينة (حقيقية أو مفترضة) اتخذتها قيادات هذه الجماعات والطوائف.