بريطانيا: الهجرة ورقة سياسية بين أيدي "العمال" و"المحافظين"

بريطانيا: الهجرة ورقة سياسية بين أيدي "العمال" و"المحافظين"

07 اغسطس 2014
مهاجرون غير شرعيين يحاولون دخول بريطانيا
+ الخط -

دعا فيليب ميجنونيت نائب المحافظ بمدينة "كالية" شمال فرنسا، بريطانيا إلى مشاركة بلده في تحمّل عبء المهاجرين غير الشرعيين. وذلك بعد ليال متوالية من العنف بسبب هؤلاء، أدّت إلى وقوع عشرات الجرحى في شوارع المدينة. وذكّر بالعلاقات التاريخية بين البلدين داعياً  ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا إلى إيجاد حل.
وشبّه فيليب مرفأ  مدينة "كالية" بصورة لـ"مسرحية حرب" أزيلت منذ أمد بعيد من العالم الواقعي.
وجاء خطابه إثر صدامات في المدينة بين مهاجرين أفارقة غير شرعيين من السودان وإريتريا واستخدامهم للسلاح الأبيض والحجارة. وتعاني فرنسا وبريطانيا من تدفّق المهاجرين.

الهجرة إلى بريطانيا

تشغل قضية الهجرة في السنوات الأخيرة الأحزاب الثلاثة الرئيسة في بريطانيا، حزب العمّال وحزب المحافظين والحزب الليبرالي الديمقراطي خصوصاً بعدما أظهرت استطلاعات الرأي أنها الركيزة التي يعتمد عليها الناخبون للتصويت لانتخابات عام 2015.

وعمدت الحكومة إلى إجراء تعديلات على بنود قانون الهجرة وتضييق الخناق على المهاجرين غير الشرعيين، سواء أقاموا في المملكة أو خارجها. إذ تضمّن القانون الجديد منع المقيم بصورة غير قانونية من فتح حساب مصرفي، وإجبار أصحاب العقارات على التحقّق من الوضع القانوني للمستأجر.
كذلك اتّسمت الهجرة بالانتقائية، إذ رحّب الوزير السابق لشؤون الهجرة مارك هاربر، بالمهاجرين اللامعين، كونهم يسهمون في تطوير اقتصاد البلد ويتقيّدون بالقانون.

وتحتدم المعركة بين الأحزاب حول قانون الهجرة، إذ يحاول كل منها طرح حلول جديدة متّهماً الطرف الآخر بالعجز عن اتخاذ القرارات الصائبة. ويعتبر "حزب الاستقلال البريطاني" الجهة المؤيّدة لفتح أبواب الهجرة لسكّان العالم الثالث الموهوبين بدل الاستقبال العشوائي للمهاجرين الأوروبيين الذين باتوا يشكّلون عبئاً على اقتصاد بريطانيا.  

وانتقد الناطق الرسمي لـ"حزب الاستقلال البريطاني" ستيفن ووولف، نيك كليج نائب رئيس الوزراء البريطاني وزعيم حزب الديمقراطيين الليبراليين، بعد إلقائه خطاباً لصالح حريّة تنقّل العمّال الأوروبيين، متهماً إياه بتعقيد المسألة عوضاً عن إيجاد حلٍ لها. 

وقال ستيفن، يجب إيجاد سياسة هجرة أخلاقية تقدّم فرصاً متساوية لجميع الشعوب للقدوم إلى إنكلترا سواء كانوا من أوروبا أو من الكومنولث (رابطة الشعوب البريطانية) أو من أي جهة في العالم. والطريقة الوحيدة لتنفيذ هذه السياسة هي الانفصال عن الاتحاد الأوروبي إذ إنّها الوسيلة المُثلى لخلق سياسة واعية وغير تمييزية لمعالجة الضغط الهائل على المدارس والمنازل والخدمات العامة الناتجة من التضخّم السكاني. وبهذا نتأكّد من جذب الأفضل والأذكى في العالم.
وصعّد ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا، خطاباته ضد المهاجرين خلال السنوات الأخيرة، بهدف كسب أصوات من "حزب الاستقلال البريطاني".

ومن التعديلات التي طرأت على سياسته، إعلانه عن إمكانية المهاجرين الأوروبيين المطالبة بخدمات الرعاية الحكومية المجّانية لمدة ثلاثة أشهر كحد أقصى بدءاً من الشهر السادس. واعداً بتوفير نصف مليون باوند على دافعي الضرائب خلال الخمس سنوات المقبلة.

وأعلن عن إغلاق العديد من جامعات الطلاب المزيّفة والعمل على إقفال المزيد منها، وقال "صحيح أنّ الشعب البريطاني يؤمن بقانون هجرة عادل ينص على ما يلي: "إن كنت مهاجراً غير شرعي فعُد إلى بلدك" وأضاف "لنكن أكثر وضوحاً، بعض الأشخاص يأتون إلى بريطانيا للعمل والبعض للمطالبة بالخدمات المجانية والبعض الآخر يزعم أنّه قادم للدراسة".

كما وجّه تهديداً مباشراً للمهاجرين غير الشرعيين، متوعداً بإلقاء القبض عليهم وإرجاعهم إلى الدولة التي أتوا منها. وذلك بعد مهاجمة "حزب الاستقلال البريطاني" للقيود التي فرضها كاميرون على الخدمات الحكومية للمهاجرين الجدد القادمين من أوروبا ووصفها بالواهنة.

وأكّد كاميرون من جهته، إيمانه بفوائد الهجرة مع لفت الانتباه إلى وجوب السيطرة عليها بطريقة مناسبة والعمل على خفض عدد المهاجرين من مئات الآلاف إلى عشرات الآلاف.
وتراجع عن وعده بالعفو عن المهاجرين غير الشرعيين المقيمين في البلد لأكثر من عشر سنوات.
وأوضحت "المفوضية الأوروبية" أنّ الهدف من حرية التنقل داخل أوروبا، منح الحق للمواطنين بالعمل والإقامة في جميع الدول الأعضاء، لكن تحوّل المهاجرين إلى البحث عن خدمات الرعاية المجانية أساء إلى المبدأ الأساس.

وفي تقرير صادر عن "المؤسّسة الوطنية للاقتصاد والبحوث الاجتماعية" توقّع انخفاض في الناتج المحلي مع ارتفاع  الضريبة، نتيجة سعي المحافظين إلى تقليص الهجرة إلى المملكة المتحدة. وتقدّر البحوث انخفاض الناتج المحلي البريطاني بـ11 في المئة مع حلول عام 2060.

أمّا بوريس، محافظ مدينة لندن، فدعا الحكومة إلى منح العفو للمهاجرين غير الشرعيين، الذين تتجاوز مدّة إقامتهم في البلد عشر سنوات. وقال بأن البديل الوحيد لذلك هو تواجد أكثر من نصف مليون أو ربّما 750000 في المملكة المتحدة غير مسجّلين في الدوائر الرسمية ودون أية أوراق ثبوتية، يشاركون في اقتصاد بريطانيا ويتقاضون الرواتب من دون دفع  الضرائب.

وقال بوريس، لا يوجد تعداد صحيح للمهاجرين غير الشرعيين في المملكة على الرغم من الإجماع على رقم يراوح بين 7500000 ومليون. وأفادت دراسة من "مدرسة لندن للاقتصاد" عام 2012  بتواجد 860000 مهاجر غير شرعي.

ومنذ تسلّم كاميرون لمنصب رئاسة الوزراء عدّل العديد من قوانين الهجرة بهدف الوفاء بوعده، بعيد تسلّمه لرئاسة الحكومة، وتعهّد بتقليص أعداد المهاجرين قبل عام 2015. ومن التغييرات التي قام بها: إلغاء التأشيرة التي تسمح للطالب الأجنبي بعد التخرّج بالعمل في المملكة المتحدة، ومنع إعطاء تأشيرة تسمح للموهوبين بالعمل في بريطانيا. كما صعّب معاملات الحصول على تأشيرة للعمّال المتميزين.

وفي سبتمبر/أيلول 2013 انخفضت أعداد المهاجرين إلى 150000 سنوياً. وعادت إلى الارتفاع إذ بلغت ما يقارب 210000، ويؤكد بعض الخبراء بلوغها 250000 مجدّداً في وقت قريب.