بريطانيا: استقالة وارسي تحرج حزب المحافظين ورئيس الحكومة

بريطانيا: استقالة وارسي تحرج حزب المحافظين ورئيس الحكومة

07 اغسطس 2014
استقالة وارسي تتفاعل داخل حزب المحافظين (أولي سكارف/Getty)
+ الخط -
يبدو أن استقالة وزيرة الدولة البريطانية، سعيدة وارسي، من الحكومة، لن تقف عند مجرد "استقالة وزير" من منصب إداري، إذ إن استقالة البارونة التي كانت يوماً ما رئيسة لحزب المحافظين، باتت تتردد بتداعيات قوية داخل حزب رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، من أعلى الهرم وصولاً الى القواعد الانتخابية.

وقد عكست صحيفة "تايمز" البريطانية، في صدر صفحتها الأولى من عدد الأربعاء، حجم القلق الذي أحدثته استقالة وارسي عند كاميرون، الذي بات يواجه صعوبات جمّة لاحتواء حالة التمرد داخل حزبه التي تكاد تفلت من يده.

وقالت الصحيفة إن المدعي العام السابق، دومينيك غريف، انضم الى مجموعة شخصيات ترفع الصوت من داخل حزب المحافظين احتجاجاً على استخدام إسرائيل للقوة المفرطة في حربها على قطاع غزة، وتضغط بالتالي على كاميرون لإدانة الهجمات الجوية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي على غزة. ومن بين هذه الشخصيات الفاعلة داخل حزب المحافظين، نيكولاس سوميس، سارة وولاستون، كريسبن بلنتس، ووزير المجتمعات في الحكومة ايريك بيكلز.

كما أن عمدة لندن، بوريس جونسون، وهو شخصية نافذة في حزب المحافظين الحاكم، قال بدوره وبلغة صريحة إن "العملية العسكرية التي تقوم بها إسرائيل تتسم باستخدام القوة المفرطة البشاعة، وما يجري هو عمل مأسوي لا أعتقد بأنه سيخدم إسرائيل على المدى البعيد".

من جهته، وصف الوزير المكلف بشؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية سابقاً، أليستر بيرت، ما تقوم به إسرائيل "بالعمل غير المبرر والذي لا يستقيم أخلاقياً".

تعالي هذه الأصوات وغيرها، جعل رئيس الوزراء البريطاني يشعر بأن كرة الثلج التي ألقت بها البارونة وارسي، ربما تتابع تدحرجها خلال الأيام المقبلة لتضم أسماء أخرى داخل الحزب، ولا سيما من بين النواب في مجلسي العموم واللوردات، وخصوصاً أن هذه الاستقالة تزامنت مع صدور نتائج وتوصيات تقرير برلماني، صدر الأربعاء، طالب فيه عدد من النواب البريطانيين الحكومة بتشديد الضغط على إسرائيل لتخفف القيود التي تفرضها على تنقلات السكان في قطاع غزة، واصفين هذه الإجراءات الإسرائيلية بأنها "غير متكافئة" وتتنافى مع القانون الدولي.

كما تتسع دائرة ارتدادات استقالة وارسي لتصل الى القواعد الانتخابية لحزب المحافظين. فقد قال النائب عن حزب المحافظين، أندرو ستيفنس، لصحيفة "تايمز"، إنه تلقى خلال الأسبوع الماضي أكثر من 500 رسالة الكترونية من الناخبين القاطنين في دائرته الانتخابية، تعبّر عن القلق من القوة المفرطة التي تستخدمها إسرائيل.

ونقلت الصحيفة عن نائب آخر، لم تذكر اسمه، بأن موقف رئيس الوزراء البريطاني من إسرائيل أضر بالقاعدة الانتخابية لحزب المحافظين، لأن الكثير من المسلمين والعرب وغيرهم من المجتمعات الأثنية لن يصوّتوا في الانتخابات العامة المقبلة لصالح مرشحي الحزب الذي يبدو داعماً لإسرائيل.

الضغوط على كاميرون لتبنّي موقف أكثر حزماً تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة، لا تنحصر في دوائر حزب المحافظين وقاعدته الانتخابية، بل كذلك من شريكه في الحكم، حزب "الأحرار الديمقراطي". فقد دعا زعيم الحزب نيك كليغ، وهو نائب كاميرون في الحكومة، الى وقف تصدير الأسلحة البريطانية الى إسرائيل التي تجاوزت كل الحدود، على حد قوله.

وبالتأكيد وجد حزب العمال المعارض في استقالة وارسي فرصة للهجوم على سياسة الائتلاف الحاكم في "داوننغ ستريت"، إذ طالب زعيم الحزب إيد ميلباند، الحكومة البريطانية بموقف أكثر حزماً تجاه إسرائيل.

وعلى الرغم من محاولات كاميرون احتواء الأزمة التي خلّفتها استقالة وارسي، بالقول إنه طالما أعرب عن قلقه وحزنه تجاه العدد الكبير من الضحايا المدنيين (الذين يسقطون في غزة)، إلا أن موقفه الرسمي لا يبدو قادراً على الابتعاد عن الموقف الأميركي الذي يتمسك بـ"حق" إسرائيل في "الدفاع عن نفسها". وقد يبدو هذا الموقف مدعوماً من شخصيات نافذة داخل حزب المحافظين، تتمسك بمواقفها التقليدية المساندة لإسرائيل.