الوجه الحقيقي لعبد الفتاح السيسي

الوجه الحقيقي لعبد الفتاح السيسي

26 مايو 2014
في وسط القاهرة (محمد حسام/الأناضول/getty)
+ الخط -

 

يتذكر الناشط المصري في مجال حقوق الإنسان، أحمد سيف، اجتماعه بالرئيس المستقبلي لمصر، عبد الفتاح السيسي، قبل أن يعرفه معظم الناس. كان ذلك في 5 فبراير/ شباط 2011، في منتصف الثورة التي أطاحت الرئيس المخلوع حسني مبارك. حينها، اعتُقل سيف ليومين خلال الثورة، وأمضى الساعات الـ48 التالية وهو يتعرض للاستجواب على يد ضباط متوسطي الرتب في الاستخبارات العسكرية. ثم استجوبه رئيسهم، عبد الفتاح السيسي. حدث اللقاء عن طريق الصدفة، إذ كان السيسي يمر بجوار المحامي الحقوقي المعتقل ومجموعة من السجناء الآخرين، فطلب من ضباطه أن يخبروه مَن يكون هؤلاء، ففعلوا، ثم بدأ السيسي الحديث عن إلى أي مدى ينبغي أن نحترم حسني مبارك والقيادة العسكرية، وكيف أنه يجب علينا أن نعود إلى بيوتنا ونترك ميدان التحرير، بحسب ما يروي سيف.

رد سيف قائلاً إن مبارك فاسد، وهو الأمر الذي أغضب السيسي بشدة. السيسي شخصية منضبطة ولا يتكلم إلا في الوقت المناسب. إحدى المرات التي تحدث فيها علناً، كانت عندما أعلن إطاحة الرئيس محمد مرسي بخطاب متلفز في 3 يوليو/ تموز 2013. وبصرف النظر عن العدد القليل من المقابلات التي أجراها، والتي كانت كلها مسجلة مسبقاً، فإنه لا يظهر علناً، تاركاً لمساعديه إدارة المؤتمرات الصحافية والمسيرات، وحتى المناظرات المتلفزة.

أسرة ناجحة

يقول الذين تعرّفوا إلى السيسي عن قرب، إنّ هناك عوامل عدة أثرت في شخصيته العامة، والتي تجمع ما بين الهدوء والتقوى، مع خليط من التقشف والدفء. عوامل أثرت فيه منذ سن مبكرة، هو المولود الثاني بين ثمانية أولاد، والذي ترعرع في حي الجمالية الذي يقع في قلب "القاهرة الإسلامية" القديمة، والذي يبعد فقط بضعة أمتار عن الأزهر، ويُعَد أحد أقدم الأحياء في العاصمة المصرية، وهو أقرب حي إلى خان الخليلي الذي يرتاده معظم السياح بعد زيارة الأهرامات.

عملت أسرة السيسي، طيلة سنوات طويلة، في خان الخليلي بصناعة وبيع أثاث "الأرابيسك"، وحظيت بشهرة واسعة. حتى إن أعمال جدّه تم ذكرها في إحدى أطروحات الدكتوراه في أربعينيات القرن الماضي. وفي السبعينيات، قامت وزارة الثقافة بمنح الأسرة شهادة "أفضل حرفيي الأرابيسك في مصر". واليوم، باتت أسرة السيسي تمتلك ثلاثة محال في أفضل موقع بخان الخليلي. ويقول علي حمامة، ابن عم السيسي، إن الأخير عمل خلال شبابه في المحل، بعد انتهاء الدوام المدرسي، وكان ماهراً في ذلك.

وبغض النظر عن الصفات المكررة حول "الفضيلة المطلقة" التي يتحلى بها السيسي، فإن جيرانه السابقين يصفونه بأنه شاب منضبط ومتدين وانطوائي بعض الشيء، لم تظهر عليه أية علامات نبوغ. وتربى السيسي وترعرع وسط عمال الحدادة الذين يعدون من أكثر الطبقات فقراً، وكذلك بين الأثرياء من السياح الغربيين. درس هو وأخوته في المكتبة القريبة من جامعة الأزهر، وهي مؤسسة قديمة ومعروفة تاريخياً بعدائها لجماعة "الإخوان المسلمين".

ووفقاً لحمامة، كان السيسي يأوي إلى فراشه باكراً، ويمارس رفع الأثقال المصنوعة محلياً على سطح منزل أسرته. ويعلق حمامة ضاحكاً: "كان طفلاً جاداً جداً، وهو يحب لعب الشطرنج ورفع الأثقال، لكنه لا يلعب لعبة الاستغماية أبداً".

ويقول محمد إبراهيم محمد، مالك مصنع جوارب تعلم القيادة على سيارة عائلة السيسي، إن أسرة الأخير تعتبر واحدة من أغنى عائلات المنطقة، فهم أول من قام بشراء سيارة مرسيدس، لكنهم أيضاً من أقل الناس رغبة في استعراض مظاهر هذا الثراء، وكانوا متواضعين جداً".

ونتيجة لثراء عائلة السيسي، قامت بشراء قطعة أرض وبناء عمارة سكنية في الضاحية الجديدة الراقية آنذاك، "مدينة نصر". وأوضح حسين علي، أحد رجال الأعمال الذي قام بشراء المنزل القديم لعائلة السيسي في الجمالية، إنه عندما انتقلت العائلة الى مدينة نصر، كان الناس هنا يبكون على فراقهم، لأنهم كانوا عائلة محترمة جداً.

قصة انتقال عائلة السيسي إلى مدينة نصر، لم يتم تصويرها بشكل إيجابي؛ ففي فبراير/ شباط الماضي، كتبت صحيفة "الوطن"، التي كانت تدعم السيسي في السابق، أن قيمة ميراث وأراضي السيسي تبلغ 30 مليون جنيه مصري. واعتبر هذا التسريب الإعلامي مثيراً للجدل، حتى إن مسؤولين حكوميين اتصلوا بالصحيفة، وطلبوا إزالة المادة بعد دقائق من نشرها، وهو ما حصل بالفعل.

كان السيسي قد قام بتقديم إقرار بالذمة المالية الخاصة به إلى لجنة الانتخابات الرئاسية. ولكن سيتم الإعلان عن هذه الذمّة فقط بعد انتخابه. وفي الوقت نفسه، يرفض فريق حملته الانتخابية الكشف عن ثروته. ووفقاً لروبرت سبرينغبورغ، الخبير في شؤون الجيش المصري، الأستاذ الزائر لدراسات الحرب في "لندن كينغز كوليدج"، فإنّ الحديث عن ثروته جعل الشكوك تخيم على صورة السيسي، ويثير الريبة عن مدى فساده، وعما إذا كان قد جمع هذه الأموال بطريقة غير مشروعة".

صعود عسكري سريع

عندما استقال السيسي من منصبه في الجيش، في مارس/ آذار الماضي، كانت هذه هي المرة الأولى له التي لا يعمل فيها في مؤسسة عسكرية منذ أكثر من أربعة عقود. فهو على العكس من أشقائه، (أحدهم قاضٍ رفيع المستوى، والآخر موظف حكومي)، التحق بمدرسة ثانوية عسكرية. وبعد ذلك، التحق بالكلية الحربية ليتخرج منها عام 1977. وبعد ذلك تزوج من انتصار، التي أنجب منها أربعة أولاد. وفي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، تمت ترقيته مرات عدة في كتائب المشاة الميكانيكية، ليتولى في النهاية قيادتها. وفي العام 1992، تم إرساله في بعثة تدريبية إلى كلية الأركان العسكرية ببريطانيا، حيث لا أحد يستطيع أن يتذكره بحسب مديرها الحالي. وبعد ذلك، شغل السيسي منصب الملحق العسكري المصري في السعودية، والتي تعد اليوم، الممول الرئيس لحكومته. وخلال السنوات الأخيرة من حكم مبارك، انتقل السيسي إلى الاستخبارات العسكرية، وهي إحدى المؤسسات التي تحيطها السرية والغموض الشديدان، إذ يرى شباب الثورة، أنها اليد الخفية التي تدير السياسة المصرية. وكان ينظر إلى السيسي على أنه أحد الخلفاء المحتملين لوزير الدفاع آنذاك، المشير حسين طنطاوي. وعلق أحد زملائه قائلاً "لقد كان يتم إعداده ليكون وزير الدفاع المستقبلي، ولكن كنا نظن أن هذا سيحدث بعد ثلاث أو أربع سنوات، وليس بهذه السرعة. هو قائد جيد، ولكن لديه أيضاً حس سياسي واضح، وأفضل وصف له أنه قائد سياسي".

لقد تم شحذ بعض "غرائزه السياسية" في الولايات المتحدة بين عامي 2005 و2006، عندما تم إرساله في بعثة دراسية إلى الكلية العسكرية الأميركية في ولاية بنسلفانيا، وهو ما يدل على ارتفاع مكانته في الجيش المصري. ومن شأن مراجعة كتاباته وصداقاته منذ ذلك الوقت، أن تضيء على المزيد حول طبيعته وشخصيته.

العقيد ستيفن جراس، الذي درّسه، والذي سرعان ما أصبح صديقه بعدما بدأ السيسي يزوره في مكتبه مرة كل أسبوعين لمناقشته، يتذكره اليوم كـ"رجل جاد عميق". ولا ينسى جراس كيف كان السيسي يحاول جاهداً أن يبدو اجتماعياً، ولكنه كان يشعر بالراحة أكثر في المحادثات الشخصية. وعندما كان السيسي يزور جراس في بيته، ورأى سلسلة من الهدايا التذكارية الإسلامية التي جلبها جراس من تركيا، قام، بحماسة، بترجمة النصوص العربية الموجودة عليها، وشرح معانيها للسيدة جراس. ويذكر جراس أن السيسي كان متحفظاً في علاقته بالآخرين، كذلك كانت زوجته.

أكثر ما يثير الجدل حول فترة دراسة السيسي في بنسلفانيا، هو المقال الغامض المؤلف من 11 صفحة، الذي كتبه، وهو ورقة بحثية عن الديمقراطية في الشرق الأوسط. والنصّ المذكور هو مقال مربك، لأنه يظهر مدى حماسة السيسي لإجراء إصلاحات ديمقراطية، وكذلك دعمه لاستمرارية الحكم الاستبدادي، وهو الأمر الذي فُسِّر على أنه يدعم وينقض الإسلام السياسي في الوقت نفسه. وعلى الرغم من أنه من النادر العثور على كلمة مصر في هذا البحث، لكن من الواضح أن السيسي كان يشير بشكل ضمني، إلى مشاكل مصر، فكتب: "يبدو أن الذين في السلطة يعيشون في ترف، بينما يناضل الشعب من أجل العيش". ويرى في البحث عينه، أن "غياب التعليم الجيد والصحافة الحرة أغلق الطريق أمام الديمقراطية"، وأشار إلى أن وسائل الإعلام "سوف تكون عقبة أمام إجراء إصلاح ديمقراطي للحكومة إلى حين يصبح ممكناً الوثوق بأنها تمثل أكثر من وجهة نظر".

لكن يبدو أن وعي السيسي بهذه القضايا، جعله حذراً من إنهاء الدكتاتوريات بشكل سريع، لأن هناك "أسباباً وجيهة" لعدم التحول إلى الديمقراطية الكاملة بشكل مفاجئ، لذلك يرى أنه "لا بد من إعداد الشعوب لهذا التحول لأنها عملية تتطلب وقتاً".

من بين المفارقات أن السيسي يُظهر، في بحثه، دعماً لحق "الإخوان المسلمين" في تولي المناصب السياسية، حتى ولو لم يرق ذلك للغرب. ويكتب عن هذا الموضوع أن "الأحزاب المنتخبة شرعياً [ينبغي] أن تتاح لها فرصة تولي الحكم". ويستخدم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مثالاً على ذلك. ثم يصف مفهوم الخلافة الإسلامية بأنها "النموذج المثالي للحكومة"، موضحاً أنه ينبغي على الأنظمة التنفيذية والتشريعية والقضائية الحكومية أن تتأسس على المعتقدات الإسلامية، وهذا ما دفع روبرت سبرينغبورغ إلى التساؤل عما إذا كان السيسي داعماً للحركة الإسلامية، ولكنه بدلاً من ذلك يخلص إلى أن كلامه المذكور يمكن اعتباره تنظيراً لـ"نظام هجين يجمع بين الحركة الإسلامية والحكم العسكري".

لكن الأستاذة في كلية الحرب الأميركية، الدكتورة شريفة زهور، وهي درّست السيسي في تلك السنة، رفضت هذه الفكرة قائلة إنه "لم يكن إسلامي الهوى بشكل سري، ولم يصبح إسلامي الهوى الآن". وترى أن كتاباته حول الخلافة الإسلامية وأسلمة مؤسسات الدولة كانت مجرد محاولة من جانبه لإظهار أن الإسلام متوافق مع المعايير الديمقراطية كالمسيحية، وخصوصاً أن الكلية في ذلك الوقت كانت تعج بسيل من الاتهامات للمسلمين بأنهم غير قادرين على أن يكونوا ديمقراطيين. وأردفت قائلة إن الهدف من البحث الذي قدمه السيسي هو أنه "لا يمكن التحدث عن الديمقراطية في الشرق الأوسط بطريقة علمانية بحتة، فلا بد من السماح للناس بالتدين، ولكن لا بد أيضاً من وضع القواعد، إذ لا يمكن لأحد أن يحتكر الساحة السياسية بدعوى امتلاكه لناصية الدين."

ولاء لنفسه فقط

يتساءل البعض عما إذا كانت التقوى الدينية التي أظهرها السيسي في خطاباته، هي التي أقنعت الرئيس المنتخب محمد مرسي بأن ولاء السيسي له مضمون، وبالتالي عيّنه خليفة لحسين طنطاوي عام 2012 على هذا الأساس. يبدو هذا التحليل ساذجاً، فعندما نرى كيف ترقى السيسي ليتبوّأ هذا المنصب، سنعرف أن الرجل ليس لديه ولاء إلا لنفسه فحسب، وأنه مراوغ مثل الثعالب؛ فحتى الأشهر الأخيرة من فترة رئاسة مرسي، لم يكن واضحاً الى أي طرف سوف ينحاز في مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية. فقد شهد شهر يناير/ كانون الثاني 2013، قلاقل ضد مرسي، مما حدا بالسيسي إلى إصدار تحذير غامض من انهيار الدولة، موحياً للجميع بأنه قلق من تصرفات الرئيس. وفي أواخر مايو/ أيار من ذلك العام، صرح السيسي ما مفاده أن الجيش سوف يبقى خارج السياسة، مطمئناً إلى أن "لا أحد سوف يطيح بأحد، ولا ينبغي لأحد أن يتصور أن الجيش يملك الحل." وحتى عندما أصبح من الواضح أن أعداداً ضخمة من شأنها أن تتظاهر ضد مرسي في 30 يونيو/ حزيران، ظلت نوايا السيسي غير واضحة. وفي الأسبوع الذي تمت الإطاحة فيه بمرسي، أصدر السيسي بياناً دعا فيه جميع الأطراف للوصول إلى حل توافقي.

وبدا في تلك المرحلة أن السيسي ظلّ يأمل في أن ينزع مرسي فتيل الوضع، بالدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة. ولكن في 26 يونيو، ألقى مرسي خطاباً نارياً، وظهر جلياً أنه لن يدعو إلى انتخابات مبكرة. وفي اليوم التالي، كشف ضابط كبير في الجيش، لصحيفة "الغارديان"، عن السيناريو المحتمل الذي سينتهجه الجيش لإطاحة مرسي. وفي 29 يونيو الماضي، التقت "الغارديان" السيسي شخصياً في مكتب مرسي، إثر خروجه من اجتماع دام ثلاث ساعات عقده مرسي مع الوزراء وكبار الضباط، في محاولة للتوصل إلى اتفاق. لكن يبدو أن هذه الخطوة قد تأخرت، إذ زحفت الملايين في 30 يونيو، وكان السيسي قد عقد العزم على التخلص من مرسي، الذي اعتُقل في 3 يوليو، وظل المشير يدعي طيلة أشهر أنه ليس لديه نية لأن يخلف الرئيس المعزول، وذلك حرصاً على تجنب اتهامه بتنفيذ انقلاب عسكري.

بعدها، قامت وسائل الإعلام المصرية بحملة تحريض مستعرة ضد جماعة الإخوان المسلمين. وكانت نقطة التحول في 26 يوليو، عندما دعا السيسي المصريين إلى مساندة حملته الدموية على ما سمّاه "الإرهاب"، وأصبح جلياً أن نوايا السيسي تغيرت بعدما أصبح لديه مئات الآلاف من المؤيدين، إذ أنهكت ثلاث سنوات من الفوضى التي تلت الثورة الشعبية، البلاد، فأصبح جزء كبير من الشعب يرغب برئيس قوي قادر على فرض الاستقرار.

وتكشف التسجيلات المسرَّبة أن أفكار السيسي ظلت متأرجحة حول تولّيه الرئاسة من عدمه؛ ففي حديث مسرب من الخريف الماضي، يتساءل السيسي عما إذا كان سيُسمح له بالعودة إلى صفوف الجيش، إذا فشلت محاولته الرئاسية. ولكن، في حديث آخر، يقول السيسي إن حلماً راوده منذ أكثر من 35 عاماً، وفيه التقى بالرئيس الأسبق أنور السادات، الذي خاطبه قائلاً "أنا أعلم أنك ستكون رئيساً للجمهورية".

تبقى ملامح برنامج السيسي غير واضحة؛ إذ يزعم أنه برنامج معقد للغاية ولا يمكن للجميع استيعابه بسهولة. حتى العناوين العريضة لبرنامجه، فهي تبقى غامضة في ما يتعلق بقضايا رئيسة، مثل إصلاح نظام الدعم الحكومي الكبير في مصر. ولكن، انطلاقاً من مقابلاته القليلة، يتضح أن السيسي يرى أنه ينبغي على المصريين ترك التظاهرات والإضرابات، والعمل تدريجياً لاستعادة الاستقرار الاقتصادي والسياسي. هكذا، نرى الرجل يوجه سؤاله للشباب قائلاً: "قبل أن تتناول وجبة الإفطار، هل سألت نفسك ماذا قدمت لمصر؟".

في ظل هذا المناخ، فإن التطلعات الثورية سوف تتراجع. ففي خطابه الذي أعلن فيه ترشحه، ركز السيسي على استعادة هيبة مؤسسات الدولة. ولم يذكر كلمة الديمقراطية سوى مرة واحدة فقط، ولم يشر إطلاقا إلى حقوق الإنسان. وينقسم المحللون حول مدى سيطرة السيسي على جهاز الدولة المنقسم إلى فصائل عدة. ويعلق مايكل حنا، المحلل في "مؤسسة القرن" على هذا الموضوع مشدداً على أن "الميزة الأكثر وضوحاً في هذه اللحظة، هي أنّ لا أحد يتحمل المسؤولية" في مصر.

في المقابل، يرى آخرون أن عدم ظهور السيسي ميدانياً أثناء حملته الانتخابية، دليل على أنه يشعر بالسيطرة الكاملة. فوفقاً لسبرينغبورغ، فإن مقدار نفوذ السيسي بات غير مسبوق، نظراً إلى أن لديه حلفاء في قيادات الجيش وكل أجهزة الاستخبارات الرئيسة. فـ"الدولة العميقة" في مصر، لم يسبق أن سيطر عليها شخص واحد قبل السيسي، سواء كان جمال عبد الناصر أو السادات أو مبارك، ومن هنا ينبع شعوره بالأمان لأن كل مفاتيح السلطة باتت بين يديه.

السؤال الذي يبقى بلا إجابة، هو ما إذا كان يمكنه الاحتفاظ بمفاتيح السلطة في ظل حالة اقتصادية متردية أصلاً، ما يمكن أن يؤدي إلى تراجع شعبيته بشكل سريع. وفي السياق، صرّح وزير الخارجية المؤقت، نبيل فهمي، لـ"الغارديان" أنه "منذ العام 1952 حتى 2011، مر علينا أربعة رؤساء. وبين 2011 و2014، سيكون قد مر علينا أربعة رؤساء، وهذا يعني أن المصريين الآن مصرّون على نيل حقوقهم من الشخص المسؤول".

ترجمة "العربي الجديد" عن "الغارديان" بتصرًّف