المماطلة في محاكمة بوعشرين

01 اغسطس 2018
تأجّلت المحاكمة لجلسات طويلة (فاضل سنّة/فرانس برس)
+ الخط -
اتسمت محاكمة الصحافي المغربي المعروف توفيق بوعشرين بعدد من التأجيلات و"المماطلات"، ما جعله قابعاً في سجنه بالدار البيضاء منذ يوم الجمعة 23 فبراير/شباط إلى اليوم. إذ إنّه، وطيلة هذه الأشهر التي مرت على توقيفه، لم تظهر بعد المحدّدات الرئيسية لملفّه الذي يُلاحق من أجله بتهم الاتجار بالبشر والاغتصاب والتحرش.

وعرفت الجلسات الأولى لمحاكمة مدير نشر "أخبار اليوم" خلال أشهر فبراير/شباط ومارس/آذار وإبريل/نيسان ومايو/أيار، وإلى حدود شهر يونيو/حزيران، عدة متغيرات وأحداث ووقائع توزعت بين إنكار مصرحات وشاهدات تعرضهن لأي اعتداء جنسي من طرف بوعشرين، وبين تمسك بوعشرين ببراءته وتشبث المشتكيات بإدانته.

وشهد شهر رمضان تحديدًا جلسات ماراتونية، اتسمت بقرارات المحكمة تأجيل بعضها إلى مواعيد أخرى بسبب التعب والعياء الذي غلب سواء الصحافي المعتقل، حيث كان كثيرًا ما يطلب إرجاء الجلسة بسبب طول مكوثه وراء القفص وعدم تناوله لأدوية السكري، أو حتى المحامين الذين قرر بعضهم الانسحاب بسبب عدم قدرتهم على مجاراة تلك الوتيرة المرتفعة في عقد الجلسات.

كان يوم السابع والعشرين من شهر يونيو/حزيران الماضي قد عرف منعطفاً حاسمًا في مسار محاكمة بوعشرين، بعد أن قررت المحكمة عرض مقاطع الفيديو المتضمنة لمشاهد جنسية، منسوبة إلى الصحافي ذاته، على الخبرة التقنية لخبراء الدرك الملكي، وهو من أرفع الأجهزة الأمنية الموثوقة في البلاد.

ونالت الفيديوهات التي عُرضت جميعها على شكل دفعات في جلسات المحاكمة الكثير من السجالات والمناقشات وتبادل الاتهامات، فالصحافي بوعشرين ومعه دفاعه يُصرّان على أنها مفبركة وأنه ليس هو من يظهر فيها، وبالتالي ما بني على باطل فهو باطل، بينما المشتكيات يتمسكن بأنهن من يظهرنَ في تلك الأشرطة، وأن الرجل هو بوعشرين.

وعند قرار المحكمة في 26 يونيو/حزيران عرض الفيديوهات على الخبرة التقنية، رغم اعتراض محامي بوعشرين على مسألة الخبرة لكونها تزيد من الشكوك حول مصداقيّة الأشرطة، فإن الكثيرين انتظروا جلسة الثاني من يوليو/تموز لمعرفة نتائج الخبرة المرتقبة، وكيف ستؤثر على مسار الملف. وتفاجأ محامو الصحافي بوعشرين يوم 2 يوليو بقرار جديد من المحكمة بتأجيل المحكمة أسبوعاً جديداً آخر، فحضر الجميع إلى المحكمة يوم 9 يوليو يترقبّون نتائج الخبرة المذكورة، غير أن قراراً جديدًا بالتأجيل خيب ظنّ المحامين، ليتم إرجاء الجلسة إلى 25 يوليو من جديد.



ورغم طول المدة بين 2 و25 يوليو أكثر من ثلاثة أسابيع تقريباً، لكنّ الموعد الجديد للجلسة عرف نفس المصير، باتخاذ المحكمة قرار تأجيل عقد الجلسة إلى حين وصول الخبرة التقنية على الفيديوهات، وانصرام "العطلة القضائية"، في العاشر من سبتمبر/أيلول المقبل.
هذا التأجيل الرابع لجلسة التعرف على نتائج الخبرة التقنية سيجعل من بوعشرين يقبع في سجنه طيلة هذه المدة التي تشمل حلول عيد الأضحى بعيدًا عن أسرته الصغيرة، ما دفع عدداً من محاميه إلى انتقاد ما اعتبروه تأجيلات ومماطلات في ملف المحاكمة.

وأكّد المحامي محمد زيان لـ"العربي الجديد" أنّ تأجيل جلسات المحكمة مرة تلو الأخرى، بسبب تأخر التوصل بنتائج خبرة الدرك على الفيديوهات، هو مؤشر على ما وصفه بالارتباك الحاصل في تدبير الملف، مبرزاً أن التدابير تم اتخاذها بشكل عكسي في هذه القضية.
ويشرح المحامي المعروف بأنه من المفترض أن يتمتع المتهم أو المشتبه به بالسراح المؤقت، لكون الحرية والبراءة هي الأصل في القانون والاعتقال والاتهام هو الاستثناء، إلى حين التثبت من وسائل الإدانة، وليس العكس بأن يتم اعتقال الشخص مدة زمنية، ثم البحث بعد ذلك على ما يثبت إدانته".

بالمقابل، يرى محامو المشتكيات أن تأجيل الجلسات بسبب عدم وصول الخبرة التقنية هو أمر طبيعي وعادل، باعتبار أن هناك ملفات أخرى تطلّبت مدة زمنية أطول للحصول على الخبرة. كما أبرزوا أن العدد الكبير للتسجيلات التي يصل عددها إلى زهاء 50 شريطاً تم تصويرها خلال أشهر، وفق المنسوب إلى بوعشرين، يستوجب أيضا مدةً زمنيةً معقولةً للحسم في الخبرة التقنية.
المساهمون