العراق.. ترشيد الكهرباء مفتاح آخر للأمن

13 ابريل 2014
انقطاع الكهرباء بين 6 و 12 ساعة يوميا بالعراق(Getty)
+ الخط -
بينما يكافح العراق لرفع إنتاجه من الطاقة الكهربائية إلى نحو 20 ألف ميجاوات لإنهاء أزمته التي اقترب عمرها من ربع قرن، أطلق نشطاء بمنظمات المجتمع المدني حملة واسعة لإقناع المواطنين بإطفاء مصباح واحد من منازلهم لتوفير طاقة تكفي لإنارة الشوارع الرئيسة.

ويقول القائمون على هذه الحملة، إن الجماعات المسلحة تستغل ظلمة الشوارع الرئيسة في زرع عبوات ناسفة وتنفيذ جرائم منظمة خاصة في العاصمة بغداد ومدن وسط وغرب البلاد.

ويعاني العراق منذ العام 1990 من أزمة حادة لنقص الطاقة الكهربائية، اضطرت الحكومات المتعاقبة على إدارة البلاد إلى تخصيص جدول مبرمج لقطع التيار بين مدن ومحافظات البلاد يتراوح بين 6 ساعات إلى 12 ساعة يومياً.

وأثر انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة على حياة العراقيين اليومية، فضلاً عن قطع الإنارة عن الطرق الرئيسة والعامة ونحو 460 مصنعاً حكومياً  ما لا يقل عن 200 مصنع يوظف زهاء 120 ألف مواطن اضطروا لترك وظائفهم.

وقال وزير الكهرباء العراقي عبد الكريم عفتان، في تصريحات "للعربي الجديد": إن العراق ينتظر الانتهاء من بناء 19 محطة كهربائية في مناطق مختلفة من البلاد من المخطط أن تنتج نحو 24 ألف ميجا وات.

ولا يتعدى إنتاج العراق الحالي 13 ألف ميجا وات بينما تتجاوز حاجة البلاد الفعلية 20 ألف في أوقات الذروة بفصل الصيف، وفق بيانات وزارة الكهرباء.

ولفت عفتان، إلى أن الحكومة تواجه تنامي غير مسبوق في الطلب على الكهرباء نتيجة التوسع في عمليات البناء العشوائية فيما يتعلق بالمنازل والمجمعات السكنية.

وقال عفتان: إن مجلس الوزراء أقر الأسبوع الماضي مشروع قانون يمنع استيراد الأجهزة الكهربائية ذات الأحمال الكبيرة وكذلك المصابيح التي تزيد عن 400 فولت، بهدف ترشيد الطاقة.

وانفقت الحكومة العراقية على ملف الطاقة خلال السنوات الـ 11 الماضية نحو 40 مليار دولار، وفق مقرر لجنة النزاهة البرلمانية النائب شيروان الوائلي.

وقال الوائلي، في مقابلة هاتفية "للعربي الجديد": إن الحكومة أنفقت تلك المبالغ في واردات الكهرباء من دول إيران وتركيا وسوريا.

وأضاف، أن المحطات التي شيدت خلال السنوات الماضية لم تساهم في تقليص فترات انقطاع التيار عن المنازل إلا بقدر قليل، مشيرا إلى ضرورة نشر الوعي المجتمعي بضرورة ترشيد الاستهلاك.

وأطلق ائتلاف من 6 جمعيات شبابية في بغداد، حملة تحت أسم "أطفأ مصباح لتنير حياة آخرين".

وقال صلاح العبيدي رئيس الحملة والناشط الحقوقي، "للعربي الجديد"، إن تقارير أمنية كشفت عنها وزارة الداخلية تشير إلى أن 30% من الهجمات الإرهابية وعمليات الجرائم المنظمة كالسرقة والاغتصاب تتم في شواع مظلمة لا تتوفر فيها الكهرباء رغم وجود مصابيح تعمل لكن تم تحويل طاقتها إلى المنازل القريبة لسد النقص.

وأضاف، "فكرتنا مبنية على بيانات توضح أن إطفاء مصباح واحد في كل منزل ببغداد وحدها سيوفر طاقة لإنارة 500 ألف مصباح في الشوارع الرئيسة والفرعية".

وأوضح أن الهدف من الحملة إنساني قبل أن يكون اقتصادي، ما عجل بصداها الإيجابي.

وقال: إن الحملة تأمل أن تلقى دعماً حكومياً لتتمكن من توصيل رسالتها لنحو 33 مليون عراقي.

ويتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حكاية "شارعين" في حارة الفضل وسط بغداد وسبب عودة العلاقة بين سكان الشارعين إلى مجاريها من خلال محول كهرباء مشترك فيما بينهم.

ويقول الشيخ منصور القيسي، أحد سكان حارة الفضل، "لم نكن نتمتع بعلاقة جيدة مع سكان الشارع المجاور لنا بسبب مشاكل مختلفة كحال أي حارة عراقية أو عربية".

وأشار، في مقابلة مع مراسل "العربي الجديد"، إلى دوام الخلاف حتى شهر رمضان الماضي، والذي صادف أشد أوقات الصيف، حيث اتجه سكان الشارعين من مسلمين ومسيحيين وقتها لإطفاء مصابيح منازلهم والاكتفاء بجهاز تكييف واحد لتخفيف الأحمال عن الشارعين، تجنبا لقطع التيار.

وبشيء من التهكم يقول القيسي، "كان هذا التصرف كبير في نفوسنا وله دلالات مهمة لنا ويمكن القول: إن مصباح واحد أنهى مهمة وزارة المصالحة الوطنية في العراق التي تنفق سنويا مليارات الدنانير على هذا الملف دون جدوى".

واستدرك الشيخ المسن كلامه ضاحكاً "لكن مع الأسف بعد المصالحة المصباحية عاد الشباب من كلا الشارعين مرة أخرى لجلسات السمر والشطرنج الليلية التي أرقت نومنا كثيراً".

وقال نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني: إن العراق يهدر نحو 4 آلاف ميجا وات يومياً بسبب عدم ترشيد استهلاك المنازل والمصانع للكهرباء.

وأضاف في تصريحات للعربي الجديد، أن الاسراف في الكهرباء يضر بمصالح عامة مهمة مثل المستشفيات ومصانع المياه ومحطات الصرف الصحي وغيرها.

وقال مدير الدفاع المدني والإطفاء غرب العراق، فوزي فريح: إن الاسراف في استهلاك الكهرباء يودي بحياة ثلاثة آلاف عراقي سنوياً، واحتراق أكثر من 9 آلاف و40ألف محل تجاري وألفي معمل.

وأضاف فريح، في تصريحات "للعربي الجديد" أن كثرة الاستهلاك وتقادم شبكات الكهرباء ورداءة الأجهزة الكهربائية، أسباب تؤدي مجتمعة لحرائق هائلة.

المساهمون