العدوان على غزّة يؤدي إلى انقسام سياسي في بريطانيا

العدوان على غزّة يؤدي إلى انقسام سياسي في بريطانيا

26 يوليو 2014
تظاهرات في لندن تضامناً مع غزّة (أندريا بالدو/Getty)
+ الخط -

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز"، الجمعة، تقريراً حول انعكاس العدوان الإسرائيلي ضد غزة، على المشهد السياسي البريطاني، لا سيما في ما يخص مواقف قطبي السياسة البريطانية، وهما حزب "العمال" المعارض، وحزب "المحافظين" الحاكم.

ويتحدث التقرير عن انقسام كبير بين الطرفين. ففي حين اتخذ حزب "العمال" موقفاً متشدداً ضد إسرائيل، خصص وزير الخارجية البريطاني الجديد، فيليب هاموند، المنتمي إلى حزب "المحافظين"، أول رحلاته الخارجية لزيارة إسرائيل، للتعبير عن دعمه لقرارتها.

ويشير التقرير إلى أنه كان من المتوقع أن تشهد سياسة حزب هاموند تحولاً في الموقف، بعد خروج وزير الخارجية السابق، ويليام هيغ، من الوزارة، إلا أن هاموند، وخلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال إن بلاده "تساند بشدة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وعن مواطنيها"، وعلى الرغم من تحذيره من فقدان إسرائيل لتأييد الناخب الغربي، ولكنه شدد على دعمها وتأييدها، ما جعل نتنياهو يحيّه على "ثباته الأخلاقي".

ويوضح تقرير الصحيفة البريطانية أن توجه قيادة حزب "المحافظين" قد تغيّر بعد هيغ، الذي كانت علاقته مع الحكومة الإسرائيلية يشوبها التوتر. واستدّلت الصحيفة على ذلك ببيان رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، أمام مجلس العموم، الذي استخدم عبارات واضحة للتعبير عن موقف حزبه، وحمّل المسؤولية الكاملة لحركة "حماس" عن العدوان الإسرائيلي؛ إذ إنه حين سئل عمّا إذا كان يعتبر التوغل الإسرائيلي في غزة جريمة حرب، أجاب: "ما يعدّ جريمة حرب بالتأكيد هو إطلاق هجمات صاروخية غير مبررة في انتهاك لسيادة الدولة الأخرى".

وتضيف الصحيفة أنه، في الشكل، لم يطرأ أي تغيير على جوهر السياسة البريطانية، التي طالما دافع قادتها عن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، ولكن بعض نواب البرلمان صرحوا بأنهم لاحظوا تغييراً في اللهجة العامة.

وتنقل الصحيفة عن مصادر حكومية قولها إن "هيغ كان يوازن بين ميل كاميرون لتأييد إسرائيل الغير مبرر، وبين باقي أعضاء مجلس الوزراء، أما الآن وبعد رحيل هيغ، سيتمكن كاميرون من تعميق ميله".

في المقابل، يقول المقربون من هيغ إنه لم يكن صاحب خط مختلف عن خط رئيس الوزراء في مثل هذا الأمر الحساس، ولكنه في بعض الأحيان كانت علاقته تمر بمراحل صعبة مع إسرائيل ومؤيديها.

وكانت "جمعية أصدقاء إسرائيل" قد تقدمت لكاميرون بشكوى ضد هيغ، بعدما وصف الأخير الحرب الإسرائيلية ضد "حزب الله" اللبناني، في العام 2006، بأنها "غير متناسبة". وبعد هذه الحادثة بأربع سنوات، ألغى هيغ زيارة لإسرائيل مرتين؛ المرة الأولى عندما كان من المخطط أن يقوم هيغ بزيارة إسرائيل ضمن وفد من الاتحاد الأوروبي، أما المرة الثانية فحدثت في وقت لاحق، حينما ألغى الإسرائيليون زيارة هيغ ضمن فعاليات "الحوار الاستراتيجي للأمن"، إذ صرح هيغ بأن قوانين جرائم الحرب البريطانية تعني أنه يمكن مقاضاة القادة الإسرائيليين أثناء زيارتهم لبريطانيا، ولم يُغفر هذا الخطأ لهيغ، الذي علّق عليه أحد حلفائه قائلاً: "هذا الخطأ جعل كاميرون متحفظاً للغاية أثناء إلقاء خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي في العام الماضي".

ويكشف تقرير "الفايننشال" عن ضغوط مارسها أنصار إسرائيل على حكومة المحافظين، دفعتها للاستغناء عن هيغ في التعديل الوزاري الأخير، إلا أن المتحدث باسم حزب "المحافظين"، نفى هذه الأنباء.

وعلى الرغم من أن حزب "المحافظين" معروف بتأييده القوي لإسرائيل، إلا أن البعض من أعضائه أعلن عن قلقه من التغيير الذي طرأ على لهجة قادته، إذ قال مصدر في الحزب: "الكثير منّا شاهد التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين التي حدثت في دوائرنا الانتخابية، خلال الأسابيع القليلة الماضية، ولا ينبغي أن نتجاهل الرأي العام. فمن المؤكد أن مواقف الناخبين إزاء الصراع قد تغيّرت خلال السنوات القليلة الماضية".

وبحسب التقرير، أشارت أرقام حكومية إلى أنه في عام 2006 كان أكثر من 20 بالمئة من الناخبين متعاطفين مع الإسرائيليين، مقارنة بـ18 بالمئة يتعاطفون مع الفلسطينيين، بينما أظهرت أحدث الدراسات الاستقصائية أن 14 بالمئة من الناخبين يتعاطفون مع الإسرائيليين، في حين أن 23 بالمئة منهم يتعاطفون مع الفلسطينيين.

ويخلص التقرير إلى القول إن حزب "العمال" لاحظ هذا التحوّل على مدى الأيام القليلة الماضية، ما دعا زعيم الحزب، إد ميليباند، إلى توجيه الكثير من الانتقادات القوية لإسرائيل، والتي لم يستطع أحد من أسلافه التصريح بها، لا سيما حين قال: "نحن نعارض التوغل الإسرائيلي في قطاع غزة. ولا أعتقد أن مثل هذه التصرفات سوف تساعد إسرائيل في كسب مؤيدين"، ما جعل أحد مستشاري الحزب يعلّق بالقول: "الأحداث الأخيرة تؤكد أن الشعوب والرقابة الدولية أصبحت أكثر صرامة من ذي قبل، ولكن الحكومة قررت ألا تعكس ذلك في قرارتها، وهو ما يعدّ خطأً من وجهة نظري، وهناك شعور متزايد بأن الجمهور يريد أن تنتهي العملية العسكرية الإسرائيلية".