السودان يخطو نحو حوار لحل أزماته

السودان يخطو نحو حوار لحل أزماته

06 سبتمبر 2014
الاتفاق طالب بوقف إطلاق النار بمناطق الاقتتال(أشرف الشاذلي/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

تطور لافت شهدته الساحة السودانية قد يعطي أملاً بحل الأزمة السياسية التي تمرّ بها البلاد، عبر وضع أسس لحوار وطني تشارك فيه كل القوى السودانية، إذ وقّعت آلية الـ"7+6" الخاصة بالحوار الوطني السوداني، والجبهة الثورية، كل على حدة، اتفاق مبادئ مع الوساطة الأفريقية التي يقودها رئيس جنوب أفريقيا السابق ثامبو أمبيكي. ونصّ الاتفاق على ثماني نقاط مثّلت شروطاً أساسية لانطلاق الحوار الشامل الذي دعا إليه الرئيس السوداني عمر البشير في شهر يناير/كانون الثاني الماضي.
و"الجبهة الثورية" هي تحالف جرى تشكيله في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، ويضم "الحركة الشعبية ـ قطاع الشمال"، التي تحارب الحكومة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق المتاخمتين لدولة جنوب السودان، فضلاً عن ثلاث حركات متمردة مسلحة في إقليم دارفور غربي السودان، أقواها حركة "العدل والمساواة".

وفي تفاصيل التوقيع على الوثيقتين عقب وصول فريق من لجنة الـ"7+6" إلى أديس ابابا، والتي تضم الحكومة والمعارضة السودانية ومنها حزب "المؤتمر الشعبي" بقيادة حسن الترابي وحركة "الاصلاح الآن" برئاسة غازي صلاح الدين، أعلن فصيل مهم داخل الجبهة الثورية بقيادة عبد الواحد محمد نور رفضه لقاء الفريق المرسل من قِبل آلية الحوار الداخلي مع إعلان تمسّكه بالحوار الشامل الذي يقود إلى تفكيك النظام الحالي في الخرطوم.

وعقد فريق الحوار الداخلي برئاسة غازي صلاح الدين اجتماعاً مطولاً مع قادة الجبهة الثورية بحضور الوسيط الافريقي ثامبو أمبيكي، ناقشوا خلاله رؤية كل طرف لقضية الحوار في ظل الوثيقتين المطروحتين؛ خريطة الطريق التي تتبناها آلية الـ"7+6" وإعلان باريس الذي تتبناه الجبهة الثورية، إضافة إلى حزب "الأمة" المعارض بقيادة الصادق المهدي.

وعلم "العربي الجديد" أن الجبهة الثورية عبّرت خلال الاجتماع عن رسالة واضحة رهنت فيها الدخول في الحوار بالتزام الحكومة بتهيئة المناخ قبل البدء في أي حوار عبر اتخاذها حزمة قرارات متعلّقة بوقف إطلاق النار وإطلاق الحريات العامة وإطلاق سراح كافة المعتقلين والمحكومين سياسياً، إضافة إلى القبول بوضع انتقالي كامل.

وأكدت مصادر أن الجبهة الثورية رفضت التوقيع على أي ورقة مع فريق آلية حوار الداخل، الأمر الذي قاد الوساطة الى اقتراح وثيقتي مبادئ، قام كل طرف بتوقيع إحداهما بشكل منفصل، رغم أن الوثيقتين تلتقيان عند النقاط ذاتها التي تضع ثوابت محددة لانطلاق الحوار وضمان مشاركة كافة القوى السياسية فيه.

وحملت المبادئ التي وقّعت عليها الجبهة الثورية والصادق المهدي مع الوساطة الأفريقية، تأكيدات على أن الحل السياسي الشامل هو الخيار الأمثل لحل مشاكل البلاد، وطالبت بوقف الحرب وإطلاق النار، إضافة الى معالجة الاوضاع الإنسانية. وشددت الوثيقة أيضاً على ضمان الحريات وحقوق الانسان الأساسية إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين والمحكومين سياسياً كأولوية لبناء الثقة.

وربط الاتفاق بدء الحوار والعملية الدستورية بالاتفاق على القواعد والاجراءات التي سيجرى بموجبها الحوار وفقاً لجداول زمنية محددة وبمشاركة جميع الأطراف مع ضمان توافر الضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار.

هذا الاتفاق لم يأتِ بجديد بل حمل المبادئ ذاتها التي قام عليها إعلان باريس الذي وقّعته الجبهة الثورية مع رئيس حزب "الأمة" المعارض الصادق المهدي في السادس من أغسطس/آب الماضي، إلا أن توقيع الوساطة على تلك المبادئ بمثابة تأييد ضمني من قِبلها لإعلان باريس الذي رفضته الحكومة في الخرطوم بشكل قاطع، وعبّرت عن ذلك باعتقال نائب رئيس حزب "الأمة" مريم الصادق عقب وصولها الى البلاد بعد مشاركتها في مراسم التوقيع على الاعلان في الحادي عشر من الشهر الماضي، وهي لا تزال معتقلة حتى الآن مع إعلان الحكومة أنها ستُحاكمها بتهمة تقويض النظام والعمل ضد الدولة.

واتفاق أمس الجمعة، يضع الكرة مرة أخرى في ملعب الحكومة باعتبارها المعنية بإظهار جدية أكبر بشأن قضية الحوار عبر الاستجابة الى مطالبات تلك القوى والدفع بعجلة الحوار الى الأمام. لكن الماثل على الأرض أن الحزب الحاكم الذي يعيش حالة انقسام حادة في داخله بين مؤيد ورافض للحوار، يخشى أن يقود هذا الحوار الى تفكيك سلطته وتقليص صلاحياته.

وتوجد قوى نافذة داخل الحزب تعرقل العملية بقوة، وهذا ما يفسر منع السلطات الأمنية المتحدث الرسمي باسم تحالف قوى المعارضة والقيادي في الحزب الشيوعي صديق يوسف، من السفر إلى أديس أبابا يوم الأربعاء الماضي للمشاركة في العملية التشاورية مع الجبهة الثورية بشأن الحوار، رغم أن التحالف حتى الآن لا يزال متمسكاً بقرار رفضه المشاركة في الحوار الجاري حالياً.

أما من جهة المعارضة، فقد رأى رئيس حركة "الاصلاح الآن" غازي صلاح الدين، أن توقيع الجبهة على الاتفاق بمثابة إعلان استعدادها للمشاركة في الحوار بمقتضى تلك المبادئ الثمانية المذكورة في الاتفاق "مما يفتح الباب على مصراعيه ويضع الأسس المبدئية للحوار".

وقال صلاح الدين في بيان إن الاتفاق الذي وقّعه الطرفان مع الوساطة الأفريقية كل على حدة لم يخرج عن الأدبيات السياسية العامة، بما فيها خريطة الطريق التي أصدرتها لجنة الـ"7+6".

وأكد أن "الخطوة المنطقية التالية يجب أن تكون تكثيف التواصل مع القوى السياسية الأخرى للمشاركة في الحوار بنفس المبادئ والأسس التي وافقت عليها المجموعات المسلّحة بطريقة غير مباشرة، حتى ينطلق حوار سياسي وشامل يعيد تأسيس البنية السياسية وينشئ وطناً موحّداً ومستقراً لنظام عادل وفاعل".

المساهمون