السودان: حزب الترابي يتجه للمشاركة في الانتخابات

السودان: حزب الترابي يتجه للمشاركة في الانتخابات

05 سبتمبر 2014
تغيب أطراف أساسية في المعارضة عن الحوار (الأناضول/Getty)
+ الخط -
يُمكن أن يمضي السودان إلى سيناريوهات مختلفة في ظلّ انسداد آفاق الحلّ السياسي، على الرغم من الحراك الدائر حالياً في شأن الحوار الشامل، الذي دعا إليه الرئيس، عمر البشير، منذ حوالى تسعة شهور، والذي لا يزال يراوح مكانه وسط مقاطعة قوى معارضة رئيسية له، منها تحديداً حزبا "الأمة" القومي بزعامة الصادق المهدي، والحزب الشيوعي، بالإضافة إلى الحركات المسلّحة.

ومع رفض أطياف في المعارضة المشاركة في الحوار، وافقت عليه أحزاب الحكومة والمتحالفة معها، فضلاً عن عدد من أحزاب المعارضة صاحبة الثقل الأقلّ، وحزب "المؤتمر الشعبي" بزعامة حسن الترابي، و"الإصلاح الآن" برئاسة غازي صلاح الدين، الذي كان قد انشق عن حزب المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم). يعُدّ الأمر وكأن الحكومة تحاور نفسها إذا ما تم النظر إلى آلية الـ"7+7" ومن بقي فيها حتى الآن، فمعظم الأحزاب المشاركة، هي أحزاب انشقّت عن الحزب الحاكم، وذات خلفية إسلامية، الأمر الذي جعل البعض، في الوسط السوداني، يُطلق على الحوار تسمية "حوار الإسلاميين"، وخصوصاً بعد اعلان تلك الأطراف مراراً رغبتها في الوحدة.

أهم السيناريوهات، التي يمكن أن يشهدها السودان، تتمثل في ضرب الحكومة قضية الحوار عرض الحائط، والتمسك بموقفها الرافض بعدم تقديم أية تنازلات بإعلان حزمة قرارات متعلقة بتهيئة المناخ، وإطلاق الحريات، والقبول بحكومة انتقالية لمدة عامين، وفقاً لمطالبات القوى المعارضة والمسلحة.

في ظل هذه التطورات، يجد المراقب للحراك داخل الحزب الحاكم أن النظام يمضي حالياً في خيار الانتخابات، ولا سيما بعد إعلان "المفوضية القومية للانتخابات" الجداول وتشكيل "المؤتمر الوطني للجنة عليا للانتخابات"، برئاسة مساعد رئيس الجمهورية السابق، نافع علي نافع، الذي أكد رفضه الحوار، في آخر تصريحات له، وبدا مؤيداً لمبدأ المواجهة بالمراهنة على قوة الحزب الحاكم. كما بدأ بثاً تجريبياً لقناة سودانية خاصة بالانتخابات، يقال إن النظام من يقف خلفها لتدشين حملته الانتخابية.

وتؤكد  مصادر مسؤولة أن الحكومة تراجعت عن قرارها، برفع الدعم عن المحروقات في الموازنة الجديدة إلى ما بعد الانتخابات، خوفاً من أن يقود ذلك إلى هزة تهدد إجراء الانتخابات، ولا سيما بعدما أدت خطوة مماثلة، العام الماضي، إلى اندلاع تظاهرات هائلة في عدد من الولايات والعاصمة، خلّفت مئات القتلى والجرحى.

وعلم "العربي الجديد" أن "الحزب الحاكم لديه بعض التحركات من أجل إدخال أحزاب معارضة، وأخرى من الحركات المسلّحة في العملية الانتخابية، من أجل إضفاء الشرعية عليها". وتمّت مشاورات عدّة مع القوى الموافقة على الحوار من أجل إقناعها بخوض الانتخابات المقبلة، مع تشكيل حكومة جديدة، تدير العملية الانتخابية.

وتذكر مصادر مطّلعة أنه تمّ عرض المحاصصة على تلك الأحزاب، ومن بينها "المؤتمر الشعبي". كما تشير إلى أن الأخير بات قريباً من المشاركة، ولا سيما أن زعيمه، حسن الترابي، يهمّه توحيد الإسلاميين وضمان سيطرتهم على السلطة بعد إبعادهم عنها في مصر، وترنّحهم في ليبيا.

في المقابل، نجد تحركات مكوكية يقودها زعيم حزب الأمة، الصادق المهدي، الذي وقع أخيراً "إعلان باريس" مع "الجبهة الثورية"، والذي يمثل أرضية لتسوية سياسية وفقاً لشروط محددة. وسارع الحزب الحاكم إلى رفضه واتخاذ إجراءات أكثر حدّة تجاهه، عندما عمد إلى اعتقال وحبس ابنته، ونائبته في الحزب، مريم الصادق، عقب عودتها من باريس، في وقت سابق من الشهر الماضي، وإعلان إخضاعها لمحاكمة بتهمة تقويض النظام والعمل ضد الدولة.

ووجد المهدي مساحة واسعة لتسويق "إعلان باريس"، إذ التقى، في الأيام العشرة الماضية، بوزيري خارجية دولتي مصر والإمارات، والأمين العام للجامعة العربية، وسفراء دول الاتحاد الأوروبي في القاهرة، إضافة إلى المسؤولين في الاتحاد الافريقي والوسيط الافريقي، ثابو مبيكي، وهي مساحة قلما يجدها رئيس حزب سياسي معارض.

وربما تكون تلك التحركات قد أربكت الحكومة، التي لزمت الصمت، باستثناء بعض التصريحات، التي تقلّل من زخم المهدي.  وفي إشارة مبطنة إلى تحركات المهدي، وجّه مساعد رئيس الجمهورية، ابراهيم غندور، رسالة إلى "الذين يبحثون عن السلطة، فهي ليست في العواصم ولا السفارات ولا في التواقيع. كلها لن تفيد شيئاً، ومن أرادها عليه أن يأتي إلى الخرطوم ويحتكم إلى الشعب".

يُذكر أن المهدي توجّه إلى المجتمع الدولي والإقليمي بوثيقة تتفق مع توجهاتهم، بشأن حلّ قضايا البلاد سياسياً، كما فوّض مجلس الأمن الدولي الاتحاد الافريقي لمراقبة الحوار الوطني في السودان.

وعلم "العربي الجديد" أن "مبيكي سلّم، في زيارته الأخيرة إلى الخرطوم، الحزب الحاكم مبادرة جديدة بشأن الحوار، استندت إلى حلّ قضايا السودان كحزمة واحدة، وهو ما ظلّت الجبهة الثورية تنادي به مع توقّف المنابر المتعددة، التي تتفاوض فيها الحكومة مع الحركات في الدوحة وأديس أبابا".
وينتظر أن يعقد مبيكي ورئيس البعثة المشتركة للاتحاد الافريقي والأمم المتحدة، محمد بن شمباز، اجتماعاً مع الجبهة الثورية في أديس أبابا لبحث قضية الحوار.

ويشير المحلل السياسي، النور أحمد النور، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "تحركات المهدي تأتي في إطار محاولة الأخير الضغط على الحكومة، من خلال حثّ المجتمع الدولي والإقليمي، على ممارسة مزيد من الضغوط عليها لإبداء جدية أكبر بشأن التسوية السياسة الشاملة، لا سيما وأن الرجل مقتنع بأن حلّ مشاكل البلاد لن يكون إلا سياسياً".

ويضيف النور أن "الحكومة مطالبة بإبداء جدية أكبر، وتقديم تنازلات لإنجاح الحوار، باعتبار أن فشله يعني الوصول إلى طريق مسدود، وبالتالي يفتح المجال أمام الحل العسكري، الذي سيقود بدوره إلى تفتيت البلاد".

المساهمون