السعودية: "كورونا" يثير جدلاً بين المواطنين والحكومة

السعودية: "كورونا" يثير جدلاً بين المواطنين والحكومة

12 مايو 2014
كورونا يزعج السعوديين (GETTY
+ الخط -

تبذل السلطات الصحية السعودية أقصى جهودها لتوعية المواطنين والمقيمين تجاه مخاطر كورونا، الذي بلغ عدد ضحاياه 142 شخصاً حتى الآن، في ظل غياب الحلول الناجعة للحد من انتشار الفيروس القاتل.

وتشدد وزارة الصحة على توعية المجتمع عبر سلسلة من اجراءات الوقاية، أعلنت عنها الأربعاء الماضي بعد انتهاء مهمة خبراء منظمة الصحة العالمية في المملكة، مؤكدين أن ليس ثمة ما يستوجب التوصية بمنع موسم الحج، رغم تضاعف أعداد المصابين والوفيات.

لكن المنظمة سرعان ما أعلنت، الجمعة، أنها ستعقد اجتماعا طارئا، غدا الثلاثاء، حول فيروس كورونا.

وأوضح متحدث أن "اللجنة اجتمعت أربع مرات حتى الآن، آخرها في ديسمبر/ كانون الاول، منذ بدء انتشار المرض، وقررت عندها اللقاء مجددا". وقال إن "تزايد عدد الحالات في عدة دول أثار تساؤلات".

وكانت المنظمة قد أعلنت في ختام مهمة خبرائها أنها "لا توصي في هذه المرحلة بفرض قيود على السفر أو التجارة، بما في ذلك السفر إلى موسم الحج القادم" في أكتوبر/ تشرين الأول، ويؤدي مناسك الحج أكثر من مليوني مسلم سنويا.

وتابعت أن "الدلائل الحالية لا ترجح أن الزيادة الأخيرة في الأعداد تعكس تغيرا في نمط انتقال الفيروس". لكنها أشارت إلى "ثغرات في تطبيق إجراءات الوقاية من العدوى ومكافحتها التي توصي بها المنظمة".

وأقال وزير الصحة المكلف، عادل فقيه، مدير مستشفى الملك فهد، الذي شكل بؤرة لفيروس كورونا في جدة، مما أسفر عن عدة وفيات بين الأطباء والممرضات. وأكدت وزارة الصحة في موقعها الالكتروني تسجيل وفاة 142 شخصا، موضحة أن العدد الاجمالي للإصابات ارتفع إلى 483 منذ ظهور الفيروس في السعودية في يونيو/ حزيران 2012.

والسعودية هي البؤرة الأساسية للفيروس في العالم. وكورونا من سلالة فيروس سارس المسبب للالتهاب الرئوي الحاد، والذي أدى إلى وفاة 800 شخص في العالم عام 2003. ويسبب الفيروس التهابات في الرئتين، مصحوبة بحمى وسعال وصعوبات في التنفس، ويؤدي أيضا إلى فشل في الكلى. وليس هناك حاليا أي لقاح ضد هذا الفيروس.

وطلبت وزارة الصحة السعودية تعاون خمس شركات لإنتاج الأدوية لإيجاد لقاح ضد الفيروس. وأفادت دراسة نشرت نهاية فبراير/شباط في الولايات المتحدة، وأخرى مطلع مايو/أيار الحالي في فيينا، بأنّ الـِجمال تعتبر ناقلة لفيروس كورونا. وفي هذا السياق، قال وزير الزراعة، فهد بالغنيم، للصحافيين أمس "تسلمنا النتائج حديثا من وزارة الصحة بأن الفيروس وجد في الجهاز التنفسي للإبل".

ودعت الوزارة المخالطين للإبل إلى "عدم الاقتراب المباشر من الإبل ووضع كمامات واقية وضرورة غسل اليدين بالصابون، قبل وبعد ملامسة الإبل، ومن المستحسن لبس قفازات واقية في حالات الولادة، والتعامل مع الحالات المريضة أو النافقة".

وطالبتهم بـ"تحديد زي معين لاستعماله داخل حظائر الإبل، وعدم تناول لحوم وحليب الإبل دون معاملتها حراريا بالطهي الجيد للّحوم، وغلي الحليب قبل تناوله".

وبحسب الحصيلة الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية، والتي نشرت الأربعاء، فقد تم تسجيل 496 حالة إصابة في العالم منذ سبتمبر/ أيلول 2012. وتم تسجيل حالات اصابة في عدة دول، من بينها الأردن ولبنان ومصر والولايات المتحدة، إلا أن غالبية المصابين زاروا السعودية أو عملوا فيها. وسُجلت إصابات أدت إلى الوفاة بفيروس كورونا في قطر والأردن والإمارات.

ورغم المخاوف، تبدو الأوضاع تسير بشكل معتاد في المراكز التجارية في الرياض، حيث تضع قلة من الفيليبينيين كمامات أثناء التجوال. لكن الصيدليات تعاني نقصا واضحا هناك في السوائل المعقمة والمطهرة. ويبدو معظم مَنْ توفوا بالفيروس من الفئات العمرية المتقدمة، أو من المصابين بأمراض مزمنة، أو الذين يعانون من مشاكل صحية.

من جانبهم، أطلق أطباء وأكاديميون وإعلاميون حملة تطوعية موازية لمواجهة كورونا. وقالت رئيس الحملة، عالية باناجة، لفرانس برس: "بدأنا منذ أسبوعين ونسعى إلى رفع مستوى التوعية لمعرفة كيفية مواجهة المرض".

وأضافت: "هدفنا توعية الجميع مواطنين ومقيمين"، مشيرة إلى أن "الحملة تستهدف التجمعات في الأماكن العامة والمستشفيات والأسواق لتلافي التصرفات الخاطئة من قبل البعض". وتابعت أن "الكمامات تستخدم فقط لمن يزور مريض كورونا تحديداً، أما الناس في الشوارع فلا ترى ضرورة للكمامات".

من جهتها، قالت منال خورشيد، استشارية طب الأسرة وعضو الحملة: "لا توجد مخاوف كبيرة، خصوصا أن الحالات التي سجلت كانت في الكادر الصحي أو أقربائهم المخالطين، والمشكلة تكمن في الحاجة إلى التوعية والوقاية".

وأضافت: "يعتقد البعض أن مجرد مرورهم بجانب مريض مصاب بكورونا يجعل العدوى تنتقل إليهم، وهذا غير صحيح"، مشيرة إلى "إقبال على الحملة من شركات وبنوك وجمعيات خيرية ومدارس خاصة تطلب تثقيف موظفيها وطلابها". بدورها، قالت سامية علي (37 عاماً) لفرانس برس: "أعتقد أن الأمور تتجه إلى الأفضل، خصوصاً بعد تعيين الوزير الجديد".

وأضافت الأم لطفلين: "هناك تطمينات لكن المخاوف لا تزال ماثلة، وإن بنسبة أقل من السابق". وعما إذا كانت ترسل الطفلين إلى المدرسة، قالت سامية: "نعم أحرص على ايصالهما بشكل يومي. إنها فترة الامتحانات النهائية ولا يمكن الغياب عنها".

أما أبو عبد الله (55 عاما) فيقول إن "الأمور لا تزال غير واضحة، علينا الانتظار بعض الوقت حتى نرى نتائج تحركات وزارة الصحة. التوعية تنتشر بين الناس بشكل سريع". ومع ذلك يرى، وهو موظف حكومي، ضرورة "تجنب زيارة المستشفيات إلا في الحالات الضرورية، لأنها مصدر الفيروس بحسب المسؤولين".

 

المساهمون