الدنمارك تتبع بريطانيا وفرنسا: تشريعات لمنع انتقال المقاتلين لسورية

الدنمارك تتبع بريطانيا وفرنسا: تشريعات لمنع انتقال المقاتلين لسورية

12 يوليو 2014
نحو ألفي مقاتل سافروا من أوروبا لسورية(محمد وسام/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
يبدو الاتحاد الأوروبي مهجوساً بالمقاتلين الذين سافروا من أراضي دوله للمشاركة في القتال بسورية، وبعد أن بلغ عدد هؤلاء نحو ألفي مقاتل، يتجه عدد من المشرعين الأوروبيين لعرض قوانين تمنع وصول الراغبين في المشاركة بالصراع إلى سورية.

وباتت الدنمارك الآن، على مقربة من اتخاذ خطوة إضافية تسمح لمشرعيها اقتراح قانون يتماشى والخطوة البريطانية، التي تسمح بمصادرة جوازات سفر من تشك السلطات بأنه يمكن أن يشكل خطراً "إرهابياً".

وكان عضو البرلمان السابق، ناصر خضر، قد اقترح، في رسالة مفتوحة في أبريل/نيسان الماضي، أن يتم التعجيل بهذا القانون.

ويبلغ عدد الدنماركيين، ذوي الأصول العربية، الذين توجهوا إلى سورية للمشاركة في القتال  نحو مائة شخص. وهذا ما دفع جهاز الاستخبارات لإصدار تحذيرات، قبل أيام، الأمر الذي اعتبره مراقبون، وسياسيون معارضون، "تعجيلاً ينطلق من دوافع أمنية".

محاذير قانونية

من جهتهم، يحذر خبراء في مجال القانون من تبني الخطوة البريطانية والفرنسية، إذ ستناقش الجمعية الوطنية القانون نفسه قريباً.

وبحسب مدير "مركز أبحاث القانون"، ياكوب مكنغاما، يتعلق الأمر "بحق الإنسان بالسفر خارج بلده، لذا يجب أن يكون هناك بعض الظروف الخطيرة ومتعلقة بكل حالة، وبعض الآليات القانونية الصلبة إذا كنت ترغب في تنفيذ هذه الخطوة الجذرية في الدنمارك". 

الجديد في المسألة، وبحسب مصادر عربية ناشطة في الدنمارك، تحدثت لـ"العربي الجديد"، يكمن في أن الخطوة "تقوم على مجرد الشك، فيصبح مصادرة جواز السفر، ومنع مغادرة الدنمارك، إحدى الخطوات التي سيستغلها اليمين المتطرف لتنغيص حياة الدنماركيين من أصول عربية".

وكانت مصادر في المعارضة الدنماركية، كشفت لـ"العربي الجديد"، عن أن حزبي "الاشتراكي الديمقراطي" الحاكم، وحزب المعارضة "فينسترا" المحافظ، أصبحا أكثر "قرباً من اتخاذ خطوة تشريعية خطيرة". وترد تلك المصادر الخطوة إلى "محاولة اللعب على وتر حزب الشعب اليميني المتطرف المعادي للأجانب في الدنمارك، وخصوصاً أن الاستطلاعات تشير إلى تحوله لأكبر الأحزاب".

وتلفت المصادر إلى خطورة ما يجري تشريعه في أوروبا، في محاولة "لفرملة تقدم اليمين المتطرف وتعاونه في دول الاتحاد، بخطوات نسميها شعبوية ومنافقة، في منافستها لليمين في فرنسا وبريطانيا وحتى ألمانيا".

وفي السياق، يذكر عدد من الناشطين في المجال الإغاثي بأن مثل هذا التشريع يمكن استغلاله لـ"منعنا من السفر لتقديم مساعدات للمحتاجين في الشمال السوري". ويضيفون "عموماً نحن حذرنا كثيراً بأن السوريين لا يحتاجون لمن يقاتل في صفوفهم، وكل هذه التصرفات تعود بالضرر على القضية السورية".

وما يعزز مخاوف العاملين في المجال الإغاثي، تصريحات عائمة لمقررة الشؤون العدلية في البرلمان عن الحزب الحاكم، تينا برامسن، قالت فيها: "نحن منفتحون لبحث القانون الذي يمنع الناس من السفر إلى سورية". 

صراعات "إٍسلامية"

ومنذ بداية العام الحالي، يجري التركيز على بعض المساجد والأئمة، الذين يلعبون دوراً في تحريض ودفع الشباب للسفر إلى سورية. وهي قضية شائكة تحمل في طياتها "تنافساً كبيراً بين تيارات إسلامية مختلفة فيما بينها"، بحسب ما يقوله، لـ"العربي الجديد"، أحد المشاركين السابقين في القتال بسورية. ويعتبر أن "ما يقوم به البعض، لمصلحة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، يحمل الكثير من الشبهات، وخصوصاً لمن يعرف من هم أمرائها في حلب وريفها".

وتستند المخاوف الأوروبية، ومنها الدنماركية، على تقييم استخباري جاء في تقرير "مجموعة صوفان"، شهر يونيو/حزيران الماضي، باعتبار أن "سورية تتحول إلى مرتع لجيل جديد من الإرهابيين".

في المقابل، تشير مصادر معارضة إلى أن "التهويل الذي تقدمه، ما تسمى مجموعات الخبراء، كان يفترض أن يشير إلى حجم التخاذل والنفاق، اللذان مورسا تجاه الشعب السوري من قبل الغرب، وعلى مدى ثلاث سنوات".

وشاركت وزيرة العدل الدنماركية، كارين هيكروب، في اجتماع مع بعض زملائها من دول الاتحاد، لمناقشة الخطوة الأوروبية الجماعية تجاه "المتوقع عودتهم من سورية، وقد أصبحوا أكثر تطرفاً".

تقول هيكروب: "ننسق حول القضية، واتفقنا على العمل السريع بما تسمح به سلطاتنا الممنوحة لنا، ومنها مراقبة الحدود أكثر، وتبادل المعلومات عن المسافرين، وطريقة سفرهم". وعددت الوزيرة البلدان التي اتفقت على مثل تلك الخطوات أبرزها، فضلاً عن الدنمارك، كل من بلجيكا، فرنسا، ألمانيا، إسبانيا، وغيرها.

وبحسب الوزيرة، فإن المجتمعين اتفقوا على خطوات تجاه الأمر الذي بات "مصدر قلق جماعي في كل أوروبا، والخوف هو من عودة هؤلاء لتنفيذ عمليات إرهابية في دولنا". وتعبر الوزيرة عن إعجابها بالخطوة الهولندية، التي سمحت لسلطاتها "بمصادرة جواز سفر الشخص الذي سيسافر إلى الشرق الأوسط، ويُشك بأنه سيشارك في القتال الدائر في سورية".

وفي أكتوبر/تشرين الأول المقبل، سيجتمع وزراء العدل في الاتحاد، وعلى جدول أعمالهم قضية "محاربو سورية"، بعد أن تكون التشريعات الوطنية قد استكملت، لاتخاذ خطوة جماعية في الاتجاه.

وأوضحت مصادر خاصة بـ"العربي الجديد"،  أنه "صحيح أن الأمر يتعلق ببضعة مئات من المشاركين في القتال في سورية، لكن الأمر أبعد من هؤلاء أيضاً". ووفقاً للمصادر يشمل الأمر مراقبة لصيقة لمن يسافر إلى الدنمارك أو يدعم نظام بشار الأسد. وأضافت "هؤلاء الذين يحضرون بصفة لاجئين ويتبين بأنهم مؤيدون للأسد يمكن أن تطالهم خطوات قانونية أبعد من مصادرة جوازات السفر".

المساهمون