الخام الأميركي يقود أزمة النفط: لا مفر من الإغلاق

الخام الأميركي يقود أزمة شركات النفط: لا مفر من الإغلاق

27 ابريل 2020
مخزونات النفط وصلت إلى التخمة (Getty)
+ الخط -
أسعار النفط سلبية، والبحر يغص بالسفن التي تحمل شحنات غير مرغوب فيها. يبدع التجار في تحديد مكان تخزين النفط، الفصل التالي من أزمة النفط أصبح لا مفر منه الآن: قطاعات كبيرة من صناعة النفط على وشك أن تبدأ في الإغلاق.

لقد دمر التأثير الاقتصادي للفيروس التاجي صناعة النفط الأميركية من خلال مراحل دراماتيكية. أولاً دمر الطلب حيث أغلق المصانع وأبقى العمال والمواطنين في المنزل. ثم بدأ التخزين بالامتلاء، ولجأ التجار إلى ناقلات صهاريج في المحيطات لتخزين النفط الخام على أمل تحسن الأسعار في المستقبل. واليوم، الأزمة أصبحت أعمق، وفقاً لتقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ".

ارتفعت أسعار الشحن إلى مستويات قياسية، فيما تفتقر الشركات إلى الناقلات بسبب التخزين فيها. وهي علامة على مدى تشوه السوق.

كان شبح توقف الإنتاج، والتأثير الذي سيحدثه على الوظائف والشركات والبنوك والاقتصادات المحلية، أحد الأسباب التي دفعت قادة العالم إلى توحيد القوى لخفض الإنتاج النفطي بطريقة منظمة. ولكن مع تضاؤل ​​حجم جهودهم مقارنة مع الأزمة، وفشلهم في وقف تراجع الأسعار إلى ما دون الصفر الأسبوع الماضي، أصبح الاتجاه نحو إغلاق قطاعات في الصناعة النفطية حقيقة واقعة الآن. إنه أسوأ سيناريو للمنتجين والمصافي.

وقال توربجورن تورنغفيست، رئيس عملاق تجارة السلع في جينفور غروب، في مقابلة مع "بلومبيرغ": "نحن ننتقل إلى نهاية اللعبة. قد نصل في منتصف مايو/ أيار إلى ذروة الأزمة".

مستنقع النفط الصخري

من الناحية النظرية، كان ينبغي أن يأتي أول تخفيضات إنتاج النفط من تحالف أوبك+، اعتبارًا من أول مايو. ولكن بعد انخفاض الأسعار الكارثي يوم الاثنين، عندما انخفض غرب تكساس 
الوسيط إلى ناقص 40 دولارًا للبرميل، أصبح مستنقع النفط الصخري الأميركي هو من يقود السوق.

أفضل مؤشر على رد فعل الصناعة الأميركية هو الانخفاض السريع في عدد منصات النفط، والتي هبطت الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى لها في أربع سنوات. قبل أن تضرب أزمة الفيروس التاجي، كانت شركات النفط تدير حوالي 650 حفارة في الولايات المتحدة، بحلول يوم الجمعة، توقف أكثر من 40% منها عن العمل، ولم يتبق سوى 378 حفارة.

وقال بن لوكوك، الرئيس المشارك لتداول النفط لدى شركة ترافيغورا لتجار السلع، إن "الهبوط الكبير للأسعار رسّخ بالفعل في عقول الناس أن الإنتاج يحتاج إلى إبطاء". إنها صفعة الوجه التي يحتاجها السوق لإدراك أن الأمر خطير.

تعتقد ترافيغورا، وهي واحدة من أكبر مصدري الخام الأميركي، أن الإنتاج في تكساس ونيو مكسيكو وداكوتا الشمالية وولايات أخرى سينخفض ​​الآن بشكل أسرع بكثير من المتوقع، حيث تتفاعل الشركات مع الأسعار السلبية، التي استمرت لعدة أيام الأسبوع الماضي.

صدمة كبيرة

وإلى حين انهيار الأسعار يوم الاثنين، كان الإجماع على أن الإنتاج سينخفض ​​بنحو 1.5 مليون برميل يوميًا بحلول ديسمبر/ كانون الأول. الآن يرى مراقبو السوق هذه الخسارة في أواخر يونيو/ حزيران. 

قال روجر ديوان، محلل نفط في شركة IHS Markit المحدودة: "من المرجح أن تكون شدة ضغط الأسعار بمثابة محفز للانخفاض الفوري في النشاط النفطي".

كانت صدمة الأسعار شديدة بشكل خاص في السوق المادية: اضطر منتجو الخام إلى دفع أكثر من 50 دولارًا للبرميل لتفريغ إنتاجهم الأسبوع الماضي. وأعلنت شركة كونوكو فيليبس وشركة كونتيننتال ريسورسز لإنتاج الصخر الزيتي عن خطط لإغلاق الإنتاج. صوّت المنظمون في أوكلاهوما للسماح للحفارين بإغلاق الآبار من دون خسارة عقود الإيجار. اتخذت نيو مكسيكو قرارًا مشابهًا.

تشهد داكوتا الشمالية، التي كانت لسنوات مرادفة لثورة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة، تراجعًا سريعًا. وقد أغلق منتجو النفط بالفعل أكثر من 6000 بئر، مما أدى إلى تقليص إنتاج 405 آلاف برميل يوميًا، أو حوالي 30٪ من إجمالي إنتاج الولاية.

لن تقتصر تخفيضات الإنتاج على الولايات المتحدة... من تشاد إلى فيتنام والبرازيل، يقوم المنتجون الآن إما بتقليل الإنتاج أو وضع خطط للقيام بذلك.

خطر إغلاق الشركات 

وقال ميتش فليغ، رئيس شركة نفط بحر الشمال سيريكا إنرجي، في مقابلة "لا أريد أن أتحدث 
عن الأمر بشكل مثير ولكن نعم، من الواضح أنه يوجد خطر من إغلاق شركات النفط. في أجزاء معينة من العالم الخطر حقيقي وحاضر".

في اجتماعات مجلس إدارة الطوارئ، الأسبوع الماضي، ناقشت شركات النفط الصغيرة والكبيرة التوقعات الأكثر كآبة التي شهدها أي مدير تنفيذي للنفط على الإطلاق. بالنسبة للشركات الصغيرة، ستتمحور الأسابيع القليلة المقبلة حول البقاء واقفة على قدميها، بحسب "رويترز".

ولكن حتى بالنسبة للأكبر منها، مثل Exxon Mobil Corp، وBP Plc، فإن الواقع يمثل تحديًا. ستقدم شركة Big Oil نظرة ثاقبة للأزمة عندما تبلغ الشركات عن أرباحها هذا الأسبوع.

ستنضم المملكة العربية السعودية وروسيا وبقية تحالف أوبك + إلى تخفيضات الإنتاج يوم الجمعة، مما يخفض إنتاجها بأكثر من 20%، أو 9.7 ملايين برميل يوميًا. وتقلص أرامكو السعودية، الشركة المملوكة للدولة، إنتاجها بالفعل للوصول إلى الهدف.

وأعلنت شركات النفط الروسية أن صادراتها من خام الأورال الرئيسي ستنخفض في مايو إلى أدنى مستوى في 10 سنوات.

ومع ذلك، قد لا يكون ذلك كافيا. كل أسبوع، يتم تخزين 50 مليون برميل من الخام، وهو ما يكفي لتغذية ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة مجتمعة. بهذا المعدل، سينفد العالم من التخزين بحلول يونيو. ما لا يتم تخزينه على الشاطئ مخبأ في ناقلات. قال خفر السواحل الأميركي، يوم الجمعة، أن هناك الكثير من الناقلات قبالة كاليفورنيا.

قبل اندلاع الأزمة، كان العالم يستهلك حوالي 100 مليون برميل في اليوم. لكن الطلب الآن يتراوح بين 65 و70 مليون برميل. لذا، في أسوأ السيناريوهات، يجب وقف حوالي ثلث الناتج العالمي.

من المرجح أن يكون الواقع أقل حدة حيث سيستمر التخزين في سد الفجوة بين العرض والطلب. بالإضافة إلى ذلك، يقول تجار النفط أن الاستهلاك ربما وصل إلى القاع، وسيبدأ انتعاشًا بطيئاً.

توقف الإنتاج

خلال الأسبوع الماضي، أعلنت شركة Marathon Petroleum Corp، إحدى أكبر 
شركات التكرير الأميركية، أنها ستتوقف عن الإنتاج في مصنع بالقرب من سان فرانسيسكو.

قامت شركة Royal Dutch Shell Plc بتعطيل عدة وحدات في ثلاث مصافٍ أميركية في ألاباما ولويزيانا. وعبر أوروبا وآسيا، تعمل العديد من المصافي بنصف المعدل.

عالجت مصافي تكرير النفط الأميركية فقط 12.45 مليون برميل يوميًا، في الأسبوع حتى 17 إبريل/ نيسان، وهي أقل كمية منذ 30 عامًا على الأقل، باستثناء حالات الإغلاق المرتبطة بالأعاصير.

وقال تجار النفط والاستشاريون، إن المزيد من عمليات إغلاق المصافي قادمة، خاصة في الولايات المتحدة حيث بدأت عمليات الإغلاق في وقت متأخر عن أوروبا، ولا يزال الطلب يتقلص.

وقال ستيف سوير، العامل في مجال التكرير، لوكالة "بلومبيرغ"، إن المصافي العالمية قد توقف ما يصل إلى 25% من إجمالي طاقتها في مايو.

المساهمون