الجزائر: استدعاء مدير "سوناطراك" السابق وحبس مستشاره بقضايا فساد

الجزائر: استدعاء مدير "سوناطراك" السابق وحبس مستشاره بقضايا فساد

03 يوليو 2020
+ الخط -

أمر قاضي التحقيق لدى محكمة بئر مراد رايس بالجزائر العاصمة، مساء الخميس، بإيداع مستشار الرئيس المدير العام السابق للشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك، أحمد الهاشمي مازيغي، حبس الحراش، مع أمر بالإحضار في حق الرئيس المدير العام السابق عبد المومن ولد قدور، في إطار التحقيق المفتوح في قضية الصفقة المشبوهة لاقتناء مصفاة "أوغوستا" الأميركية.

وقالت مصادر قضائية لـ"العربي الجديد" إن ولد قدور ومستشاره يواجهان تهم تبديد أموال عمومية، وإساءة استغلال الوظيفة ومنح امتيازات غير مبررة للغير.

وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن الصفقة التي أبرمتها شركة سوناطراك مع الأميركان تمت بتواطؤ من الرئيس المدير العام السابق ولد قدور، إذ تم عقد صفقة خاسرة لاقتناء مصفاة مهترئة وقديمة بتكلفة تزيد عن المليار دولار. 

وتقع مصفاة أوغستا بصقلية الإيطالية، يعود تاريخ بداية صنعها لسنة 1949 ودخلت الإنتاج الفعلي سنة 1950، وهي مملوكة بنسبة 100 في المائة للشركة الأميركية إكسون موبايل.
وعرضت المصفاة للبيع منذ العام 2015 ولم تقتنها أية دولة، قبل أن تدخل شركة سوناطراك على الخط العام 2018، وتشتريها بقيمة 738 مليون دولار، بينما تصل الكلفة الإجمالية للصفقة 1,2 مليار دولار أي بزيادة قدرها 500 مليون دولار مصاريف الصيانة والتشغيل المطابقة لشروط البيئة – حسب مصادر من داخل مجمع سوناطراك.

وأبرزت أغلب مكاتب الاستشارات الدولية سلبيات المصفاة آنذاك، غير أن سوناطراك أوهمت الرأي العام أن شراء مصفاة قديمة في إيطاليا أفضل من إنجاز واحدة جديدة بالجزائر.

وأثار شراء المصفاة جدلا كبيرا في الجزائر، بسبب تكلفتها التي اعتبرها مختصون مرتفعة بالنظر إلى قدم المنشأة التي يعود تاريخ بنائها إلى خمسينيات القرن الماضي، بينما حاول ولد قدور التبرير للصفقة بعقد ندوات صحافية تكفل بها مستشاره مازيغي، الذي أكد أن اقتناء مصنع التكرير أوغوستا قد خضع لدراسة وافية وأن المصفاة كبيرة ومتطورة بما يسمح بإعطاء مردودية كبيرة، وأن طاقة تكرير المصفاة تبلغ 10 ملايين طن سنويا، وأنها تصنف في المرتبة الثانية من بين مواقع سوناطراك في مجال القدرة بعد مصفاة سكيكدة، بالإضافة إلى قدرتها على تكرير حمولات جزائرية، كما أنها تعالج صحاري بلاند في حدود  85600 برميل في اليوم من دون الإضرار بكمية ونوعية الزيوت الأساسية، وأنها "مثالية" للمعالجة الفيزيائية للنفط الخام الجزائري، حسب تبريرات مسؤولي سوناطراك.

وبعد عام من شرائها، اقترضت سوناطراك 250 مليون دولار من الشركة العربية للاستثمارات البترولية أبيكورب لتمويل عمليات صيانة في المصفاة، ورغم مرور عام ونصف على حيازة سوناطراك للمصفاة، إلا أن المنشأة لم تدخل مرحلة الإنتاج بسبب أشغال الصيانة.
واضطرت سوناطراك آنذاك لاستبدال تجهيزات تكرير النفط في المصفاة بالكامل، كون المعدات القديمة كانت تقوم بتكرير الخام السعودي الثقيل الذي تشتريه إكسون موبايل من أرامكو السعودية، ولا تصلح لتكرير الخام الجزائري الخفيف.
 

وتوبع عبد المومن ولد قدور في وقت سابق في قضايا فساد، حيث لوحق في قضية جوسسة، تعود فصولها إلى سنوات 2003 حتى 2007، حين كان يشغل وقتها منصب مدير شركة براون أند روث كوندور، وهي شركة مختلطة جزائرية أميركية ناتجة عن 

شراكة أُقيمت بين سوناطراك وأحد فروع شركة هاليبرتون.

وقد فازت هذه الشركة، المتخصصة في الإنشاءات والهندسة، بالعديد من المشاريع حينها، إلا أن التحقيقات كشفت فيما بعد، تضخيمها للفواتير، واستيلاءها على ملايين الدنانير من أموال الصفقات العمومية، ما أدى إلى حلها في سنة 2007، ومتابعة مسؤوليها بتهم تتعلق بالفساد.

وفي شهر سبتمبر/ أيلول من سنة 2007، واجه ولد قدور حكما قضائيا عسكريا في محكمة البليدة برفقة ضابطين في الأمن العسكري ومدير وكالة للتأمين بالإضافة إلى أشخاص آخرين، بتهمة المساس بأمن الدولة وتسريب وثائق سرية خاصة بالأمن العسكري، ما أدى إلى إصدار حكم بالسجن 30 شهراً في حقه قبل أن يستفيد سنة 2009 من إفراج مشروط.

وصدمت عودة ولد قدور على رأس سوناطراك في إبريل/نيسان العام 2017 الرأي العام الوطني، وارتبط استقدامه بصعود مستشار وشقيق رئيس الجمهورية السابق سعيد بوتفليقة، غير أنه لم يعمر طويلا إذ جاءت نهايته بعد أشهر من تعيينه نتيجةً طبيعيةً لنهاية مرحلة بوتفليقة بداية العام 2019، تزامنا مع الحراك الشعبي الذي أسقط النظام السابق.

وغادر ولد قدور الجزائر منذ أشهر واستقر بمرسيليا في فرنسا، ونقلت وسائل إعلام فرنسية، شهر فبراير 2020، تعيينه مستشارا بالشركة البترولية الأميركية إكسون موبايل، بعقد مدته سنتان بداية من الفاتح جانفي 2020، وبحسب المصادر ذاتها فإن عقد ولد قدور تم بتدخل من وزير الطاقة الجزائري السابق شكيب خليل لدى اللوبي الأميركي للبترول، وصديقه نائب الرئيس الأميركي السابق ونائب المدير العام السابق لهاليبرتون، ديك تشيني.