الاكتئاب الباسم أو اللجوء إلى ذاك "القناع"

18 فبراير 2019
... ويأتي فعل الابتسام كآليّة دفاع (Getty)
+ الخط -
"كم من الأشخاص تتخيّلهم سعداء، غير أنّهم في الواقع يصارعون أفكاراً اكتئابيّة بوتيرة يوميّة؟". بهذا السؤال تستهلّ المتخصّصة الأميركيّة في علم النفس العياديّ ريتا لابون مقالاً لها تحت عنوان "اكتئاب باسم" نشرته في دوريّة "سايكولوجي توداي".

تقول لابون التي تُعنى بعلاج البالغين الذين يعانون "اكتئاباً باسما" وأشكالاً أخرى من الاكتئاب بالإضافة إلى القلق واضطرابات المزاج، إنّ الأشخاص المكتئبين يُصوَّرون عادة كأنّهم غير قادرين على العمل والإنتاج ويبقون طريحي الفراش. لكنّ الجميع لا يختبر الاكتئاب بالطريقة نفسها. بعض الأشخاص قد لا يدركون أنّهم مصابون به، خصوصاً في حال كانوا يديرون حياتهم اليوميّة "كما يجب"، كذلك لا يبدو ممكناً أن يبتسم أحدهم ويمرح ويؤدّي عمله وفي الوقت نفسه يكون مكتئباً.

وتؤكّد لابون من خلال خبرتها أنّ أكثر الأشخاص الذين فوجئوا من كونهم مصابين بالاكتئاب هم الذين يعانون الاكتئاب الباسم. معظمهم لم يسمع بهذا المصطلح. وتعريف الاكتئاب الباسم هو الظهور أمام الناس كأنّك سعيد، فتبتسم، في حين أنّك في داخلك تعاني أعراضاً اكتئابيّة. وهذا الشكل من الاكتئاب لا يمكن كشفه في غالب الأحيان. ومن يعانيه يستخفّ على الدوام بمشاعره الخاصة ويهملها، كأنّه يُلقيها جانباً. هو قد لا يعي اكتئابه أو لا يرغب في الإقرار بأعراضه خوفاً من أن يُعَدّ "ضعيفاً".

ويأتي فعل الابتسام، بحسب لابون، كآليّة دفاع، في محاولة لطمس المشاعر الحقيقيّة... الحزن. من الممكن أن يختبر الشخص المعنيّ حزناً على خلفيّة علاقة فاشلة أو تحدّيات مهنيّة أو لأنّه يفتقر إلى هدف حقيقيّ في الحياة. وذلك الحزن قد يُترجَم بشعور دائم بأنّ "كلّ شيء ليس على ما يرام".

إلى جانب الحزن، تتحدّث لابون عن أعراض عامة أخرى للاكتئاب الباسم، من قبيل القلق والغضب والخوف والإعياء والحساسيّة المفرطة والانفعال السريع والإحباط واليأس. ومن يعاني الاكتئاب الباسم وأشكالاً أخرى من الاكتئاب قد يختبر كذلك مشكلات في النوم، وقلّة استمتاع بالنشاطات الترفيهيّة، وفقداناً للرغبة الجنسيّة. لكنّ لابون تشدّد على أنّ كلّ واحد يعيش ذلك بطريقته الخاصة. ومن المحتمل أن يشعر المرء بعارض واحد أو عارضَين اثنَين فقط من تلك الأعراض.




في إمكاننا التفكير في الاكتئاب الباسم كقناع على وجوهنا، بحسب لابون. من يعانيه قد لا يقدّم لمن حوله أيّ إشارة إلى مشكلته، ويخفي تحت ذلك القناع حزناً ونوبات هلع ودونيّة وأرقاً.... وفي بعض الحالات أفكاراً انتحاريّة. والانتحار يُعَدّ تهديداً حقيقيّاً للأشخاص الذي يعانون اكتئاباً باسماً. في الإجمال، من يعاني اكتئاباً كلاسيكيّاً حادّاً قد يحمل أفكاراً انتحاريّة، لكنّه يفتقر إلى الطاقة لتحقيق ذلك. أمّا الأشخاص موضوع مقال لابون، فهم يتمتّعون بالقدر الكافي من القدرة والنشاط للتخطيط والتنفيذ. لذا، فإنّ الاكتئاب الباسم قد يكون أشدّ خطورة من شكل كلاسيكيّ لاكتئاب حادّ.
المساهمون