الاستثمارات الكويتية في لبنان تفقد 40% من قيمتها

الاستثمارات الكويتية في لبنان تفقد 40% من قيمتها

10 اغسطس 2020
رؤوس الأموال الكويتية تتركز في السياحة والعقارات (إريك لافورج/ Getty)
+ الخط -

سلطت تداعيات انفجار مرفأ بيروت الضوء على مستقبل الاستثمارات الكويتية في لبنان الذي يعيش أوضاعاً صعبة، في ظل غياب التوافق بين الأطراف السياسية وتفشي الفساد واستمرار أزمة تفشي كورونا، والأزمة المالية الطاحنة التي يشهدها البلد الممزق سياسياً.
وأكد مصدر حكومي كويتي لـ "العربي الجديد" أن حجم استثمارات بلاده في لبنان بلغ نحو 8 مليارات دولار، مشيراً إلى انخفاض قيمة الأصول بنسبة 40% خلال الفترة الأخيرة.
وقال المصدر الحكومي، الذي رفض ذكر اسمه، أن لبنان يعدّ واجهة استثمارية مهمة بالنسبة إلى مستثمري بلاده، مشيراً إلى أن رؤوس الأموال الكويتية تتركز في العقارات والمواقع الترفيهية والمجمعات والخدمات السياحية، ومستبعداً التخارج في الوقت الراهن رغم الأوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان، وتدهور الاقتصاد وتدنّي قيمة الأصول إلى مستويات غير مسبوقة مدفوعة بحالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والمخاوف الكبيرة بشأن جدية السلطات في محاربة الفساد.
ويعاني لبنان أزمة اقتصادية خطيرة، فيما يسعى إلى الحصول على تمويل خارجي بأكثر من 20 مليار دولار، خلال الفترة المقبلة من أجل استعادة التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار بعد الانفجار الذي تسبب في صدمة كبيرة للأوساط الشعبية والاقتصادية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وفي السياق، قال رئيس وحدة الأبحاث في المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، عبد العزيز المزيني، إن قيمة الأصول للاستثمارات الكويتية في لبنان انخفضت بنسبة 40%، في ظل التداعيات الخطيرة لانفجار مرفأ بيروت التي ستلقي بظلالها على الاقتصاد المتأزم منذ سنوات في ظل عدم استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية والأزمة المالية الطاحنة.
وأضاف المزيني، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنّ الأوضاع قد تتحسن مع انتهاء أزمة تفشي كورونا في لبنان واستقرار الأوضاع الاقتصادية، غير أن هذا التحسن مشروط بالبدء في الإصلاحات الاقتصادية المستحقة، وإلا سيظلّ لبنان في دوامة الأزمات ولن يخرج من النفق المظلم في المستقبل القريب.
ويعيش لبنان أوضاعاً مالية صعبة بسبب التراشق بين مختلف القوى السياسية، فيما يستمر العجز وتدهور مختلف الأنشطة وتعطّل الإنتاج الذي تسبب في تفشي البطالة.
وكانت الأزمة المالية قد أجبرت لبنان على الدخول في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي في مايو/ أيار الماضي من العام الحالي، بعد أن تخلّف عن سداد ديونه بالعملة الصعبة، لكن تلك المحادثات تعثّرت في غياب الإصلاحات الاقتصادية.
ويشهد لبنان حالة تعاطف دولي غير مسبوق، عقب الانفجار الدامي الذي ضرب بيروت، فيما بدأت دول عربية وخليجية وأجنبية بإرسال مساعدات عينية وإغاثية والإعلان عن تعهدات من أجل انتشال البلد الممزق من أزمته المالية التي أرهقت الشعب اللبناني.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي الكويتي، عبد الحميد البسام، لـ "العربي الجديد"، إنّه من الطبيعي في الوقت الراهن تدنّي قيم الأصول الكويتية على إثر الاضطرابات الأمنية وحالة عدم الاستقرار والتدهور الاقتصادي، غير أن هناك عدة أسباب تدعو إلى التفاؤل بحذر بشأن المستقبل الاقتصادي للبنان وتحسن الأوضاع، مشيراً إلى أن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت قد تصل إلى مليارات الدولارات.

ويعد مرفأ بيروت أحد أكبر موانئ شرق المتوسط والذي تتوجه 40% من شحناته العابرة إلى سورية ومنطقة الشرق الأوسط، وفقد الميناء إيرادات وأعمالاً منذ الانفجار لصالح موانئ منافسة، مع قيام شركات النقل البحري بتحويل اتجاه الشحنات.
وأشار البسام إلى حالة التعاطف الدولي مع الشعب اللبناني عقب الانفجار، مؤكداً أن ترجمة الوعود الدولية بشأن تقديم المنح والتمويل للحكومة اللبنانية وإعادة الإعمار في بيروت ستساهم في تحسن الأوضاع الاقتصادية، داعياً الحكومات الخليجية إلى عدم حصر الدعم المقدم إلى لبنان في المساعدات الغذائية فقط.
وفي المقابل، أكّد الباحث في الشؤون الاقتصادية، عادل الزمانان، أن الاقتصاد اللبناني سيواصل الانهيار خلال الفترة المقبلة، بسبب عدم جدية الحكومة في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية وفساد الطبقة السياسية الحاكمة، واستمرار الصراعات في ظل شراء الولاءات، محذراً المستثمرين الكويتيين من التخارج في ظل الظرف الراهن بسبب الخسائر الفادحة في ظل انخفاض قيمة الأصول.
وأوضح الزمانان، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن هناك مخاوف لدى الحكومات الخليجية، وخصوصاً الكويت، بسبب استمرار تقديم الدعم المالي للحكومة اللبنانية من دون إصلاح حقيقي وغياب التوافق السياسي لإقرار الحلول من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية ودوران عجلة الإنتاج.
وكان البنك الدولي قد عبّر عن استعداده لحشد موارده لمساعدة لبنان بعد الانفجار الهائل الذي أودى بالعشرات وخلّف آلاف الجرحى ودمّر جزءاً من بيروت، مؤكداً قدرته على استخدام خبراته "لإجراء تقييم سريع للأضرار والاحتياجات ووضع خطة لإعادة الإعمار وفق المعايير الدولية".
واقترح البنك الدولي "تبادل الدروس والخبرات من كل أنحاء العالم في إدارة عمليات التعافي وإعادة الإعمار بعد الكوارث"، كذلك شدّد على أنه يمكنه "المشاركة بفعالية في منصة مع شركاء لبنان، لحشد الدعم المالي، العام والخاص، من أجل إعادة الإعمار".

المساهمون