الأردن والزلزال العراقي: الصمت من ذهب بانتظار الخيار الثالث

13 يونيو 2014
يحبس البلد أنفاسه من إمكانية استقبال لاجئين جدد (الأناضول)
+ الخط -

"هذا ما لم ننتظره". قالها مسؤول أردني رفيع المستوى، وهو يتابع عبر شاشة تلفاز معلقة في مكتبه، تطورات الأوضاع في العراق، مؤكداً أن الحكومة تكتفي بمراقبة التطورات الميدانية حالياً. وفيما يراقب السياسيون الحدث عن بُعد، أو عبر التقارير التي تحطّ على مكاتبهم، عمدت قوات حرس الحدود الأردنية إلى الاقتراب أكثر منه، فعززت وجودها، فجر الخميس، على الحدود البالغ طولها 181 كيلومتراً مع الجار الشرقي (العراق)، مدعومة بالآليات العسكرية، تحسباً لأية تطورات تطال بلادهم، على الصعيدين العسكري والإنساني.

ويخفي الصمت الرسمي الأردني، حتى اللحظة، مخاوف متعددة، في ظل تقارير تحدثت عن دخول الفصائل المسلحة إلى المناطق والبلدات القريبة من الحدود العراقية ــ الأردنية.

عسكرياً، يخشى الأردن من تحوّل المناطق الحدودية إلى قواعد اشتباك بين الجيش العراقي والفصائل المسلحة، وإنسانياً يحبس البلد أنفاسه من إمكانية استقبال موجة لجوء عراقية، تضاف إلى نزيف اللجوء السوري اليوم باتجاه الأردن، وهو الذي استقبل في يناير/كانون الثاني، ما يقرب من 1900 لاجئ عراقي، هربوا إليه من أعمال العنف التي شهدتها محافظة الأنبار.

في أدبياته السياسية، يعتبر الأردن الصيغة الحاكمة للعراق اليوم، خطراً استراتيجياً، وخصوصاً أنه صاحب الموقف المعلن لما يسميه "الهلال الشيعي" الذي كان العاهل الأردني عبد الله الثاني، أوّل من حذر منه، والذي يقع العراق في نطاقه، غير أن الأردن يضع في حساباته الخطر الآني والمتمثل في ظهور تنظيم "دولة الاسلام في العراق والشام" (داعش)، لاعباً أساسياً في ما يحدث على الأرض العراقية.

لم يهتدِ الأردن، صاحب الدبلوماسية المفرطة في التعامل مع حالات كهذه، عندما يعلن انحيازه لـ"إرادة الشعب"، إلى مخرج مناسب يتبنى من خلاله موقفاً، لو كان ضبابياً، فحتى تصريح كهذا سيُفهَم منه موقف عدائي ضد النظام العراقي الذي طالما اتسمت علاقته بالأردن بالتوتر، تخللتها اتهامات ضده بإقامة علاقات مع قيادات العشائر السنية العربية العراقية، من دون تنسيق مع السلطات العراقية، فضلاً عن احتضانه رموزاً في نظام الرئيس الراحل صدام حسين.

هي التهم التي بذل الأردن جهداً كبيراً لتفنيدها، طمعاً في الحصول على مكاسب اقتصادية عنوانها أنبوب النفط الواصل بين العراق ومدينة العقبة جنوب الأردن، والذي وقعت اتفاقيات تكفل إنجازه.

كما ويخشى الأردن أن يكون "داعش" هو الحقيقة الفاعلة على الأرض العراقية اليوم، فيجد نفسه يؤيد عدوه اللدود، والذي شن سلسلة تفجيرات ضده في العام 2005، عندما كان يطلق عليه "تنظيم القاعدة في العراق"، قبل أن يتحد مع التنظيم في الشام.

في المدى المنظور يبدو أن الصمت أفضل خيارات الأردن أمام ما يجري في جارته الشرقية (العراق) المتحالفة مع جارته الشمالية (سورية)، كاتماً مخاوفه السياسية والاقتصادية والعسكرية، مكتفياً بمراقبة الآثار المباشرة للأحداث على حدوده إنسانياً وعسكرياً، في انتظار بزوغ خيار ثالث يتماهى مع موقفه، المعادي لـ"داعش"، من جهة، والمتعامل بحذر مع رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي من جهة ثانية.