استهداف حزب الله وصحافيو النكسة

استهداف حزب الله وصحافيو النكسة

19 يناير 2015
استهداف حزب الله كاف لخروج الجميع عن طوره (GETTY)
+ الخط -

عملية بحجم استهداف موكب لحزب الله في سورية مناسبة، ليعودوا من جديد. يتوزّعون على التلفزيونات، في مقدمات نشرات الأخبار، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وفي افتتاحيات الصحف.  يطلون علينا بنبرة تخوينية، وبتهديد وقح. ولا ينتظرون رداً. أساساً من يردّ في ظروف كهذه؟

"قلنا من البداية أنّ المعركة في سورية هي بين المقاومة وإسرائيل"، "أصبح وجه الصراع في سورية واضحاً"، "هذه الغارة صفعة في وجه كل من عارض تدخّل حزب الله في سورية"... وقبل أن تخرج أية ردة فعل يكون كل الحقد قد خرج. يرمونه في وجهنا أينما تلفّتنا. ثمّ يصادرون الحقّ في الكلام. أساساً من يتكلّم وشعارات من نوع "لن يجفّ الدم قبل أن نردّ على أعداء الداخل والخارج" ترفرف فوق رأسه؟

بعد كل هذه السنوات نضطرّ إلى إعادة تعريف البديهيات: ضد إسرائيل، وضد الدكتاتوريات. مع حرية الشعوب العربية ومع تحرير كل الأراضي العربية المحتلة. مع حق مقاومة الاعتداءات الإسرائيلية وضدّ تدخّل حزب الله أو أي طرف لبناني آخر في المعارك السورية... ضدّ النظام السوري وكل الأنظمة التي تقتل شعوبها، ومع حق الشعوب في تقرير مصيرها. ومجدداً يخرجون علينا تارة باسم الدين وطوراً باسم تحرير فلسطين... ونسكت من جديد. أساساً من يجيب على سؤال من نوع: "بعدكم مع إسرائيل؟".

 من هم؟ جيل كامل من الصحافيين. أخبرونا قبل عقدين أن تحرير فلسطين لن يتحقّق إلا بتغيير الأنظمة العربية، وأنّ حق الشعوب بتقرير مصيرها هو وحده المقدّس. نظّروا عن الثورة طويلاً. ثم جاءت الثورة، جاءت الثورات. سكتوا أسابيع ثمّ حسموا خياراتهم "مع الأنظمة"ـ منهم من يقف ضدها في البحرين فقط، ومنهم من يقف ضدها في سورية فقط.

التغيير صعب جداً على جيل النكسة. والخوف من زعزعة استقرار بنوا عليه أسماءهم ومجدهم يسيطر عليهم. يردّدون اسم فلسطين بسبب أو من دون سبب. ويؤسسون مدارس صحافية تخيف الصحافيين الشباب من كل تغيير، ويغرقون في الثنائيات. ينتجون صحافيين هم نسخ مطابقة عنهم: يتكلمون مثلهم، يكتبون مثلهم، ويرددون العبارات نفسها، ويلقون الدعابات نفسها.

ستمضي بعد أيام حفلة التخوين الجماعي الممارسة حالياً. سيهدأ هؤلاء ويعودون إلى القضايا الاستراتيجية الكبرى التي يناقشونها... ولن يتغيّر شيء بعد الهستريا: ستبقى إسرائيل عدواً وتدخل حزب الله في سورية  جحيماً على الجميع.

المساهمون