أوكرانيا تقرع ناقوس الخطر: روسيا على وشك اجتياحنا

أوكرانيا تقرع ناقوس الخطر: روسيا على وشك اجتياحنا

25 ابريل 2014
سقط خمسة قتلى في اشتباكات بين المتمردين والقوات الحكومية(Getty)
+ الخط -

لا تلبث الأزمة الأوكرانية أن تتنفس الصعداء، حتى تشتعل من جديد وسط تبادل للاتهامات بين الولايات المتحدة وروسيا من جهة وتوعد موسكو لكييف من جهة ثانية، فيما كان الأبرز اليوم الجمعة اتهام أوكرانيا لروسيا بأنها تريد إشعال حرب عالمية ثالثة.

واتهم رئيس الوزراء الأوكراني، أرسيني ياتسينيوك، روسيا بأنها تريد بدء حرب عالمية ثالثة واحتلال بلاده عسكرياً وسياسياً.

وقال ياتسينيوك للحكومة المؤقتة، في تصريحات أذيعت على الهواء، إن "محاولات (اشعال) صراع عسكري في أوكرانيا ستقود الى صراع عسكري في أوروبا". وأضاف "العالم لم ينس بعد الحرب العالمية الثانية، لكن روسيا تريد بالفعل اشعال الحرب العالمية الثالثة". ورأى أن "دعم روسيا للإرهابيين في أوكرانيا جريمة دولية وندعو الاسرة الدولية الى الاتحاد ضد العدوان الروسي".

من جهته، أكد نائب وزير الخارجية، دانيلو لوبكيفسكي،  في الامم المتحدة، اليوم الجمعة، أن كييف تملك معلومات "على اننا في خطر".

وكان لوبكيفسكي يتحدث فيما أكد مسؤول اوكراني ان قوات موالية لروسيا اعتقلت فريقاً من المراقبين العسكريين يعمل مع منظمة الأمن والتعاون في اوروبا.

موسكو تتوعد كييف


في المقابل، أدان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الجمعة، العملية الأمنية التي تنفّذها كييف في شرق أوكرانيا ووصفها بأنها "جريمة دموية". ورأى أن الحكومة المؤقتة ستواجه العدالة لشنها حرباً على مواطنيها.

وقال لافروف، خلال اجتماع مع دبلوماسيين في موسكو، "انهم (في كييف) يشنّون حرباً على شعبهم". وأضاف "هذه جريمة دموية والذين دفعوا الجيش للقيام بذلك سيدفعون الثمن، أنا واثق من انهم سيواجهون العدالة".

وكان لافروف قد اتهم أمس الخميس، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنهما حاولا القيام بـ"ثورة ملوّنة" جديدة في أوكرانيا "لتغيير النظام بنحو غير دستوري".

وتزامنت تصريحات لافروف مع تعزيز روسيا لوجودها على الحدود مع أوكرانيا بحجة التدريبات العسكرية التي تقوم بها، في خطوة اعتبرتها كييف تهديداً لها، فأمهلت موسكو 48 ساعة لإعطاء تفسير لتحركاتها.

وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية، إن كييف طلبت من موسكو، بموجب ترتيبات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، تفسيراً وتفاصيل عن مناوراتها العسكرية قرب الحدود خلال 48 ساعة.

وذكرت كييف، في بيان، إن روسيا تحاول التأثير على جهودها في محاربة المتشددين في شرق البلاد. وأشارت إلى أن "من حق أوكرانيا الحصول على إعلان للأهداف والتفاصيل الأخرى للتدريبات في غضون 48 ساعة من طلبها (الذي يحل قبل ظهر يوم السبت بتوقيت غرينتش)، بموجب وثيقة فيينا الصادرة عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا".

وشددت على أن "إجراء تدريبات روسية قرب الحدود مع أوكرانيا لا يمكن إلا أن يثير مخاوف، وخصوصاً بعد التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الروسي التي تتضمن تلميحاً لا لبس فيه إلى إمكانية دخول القوات الروسية أراضي أوكرانيا".

تلويح أميركي بعقوبات ضد روسيا 

يأتي ذلك فيما تستمر الولايات المتحدة في موقفها الداعم للسلطات الأوكرانية، اذ أشار وزير الخارجية الاميركي، جون كيري، ليل الخميس، إلى أن بلاده باتت أكثر اقتراباً من فرض المزيد من العقوبات على موسكو. وأكد أن الوقت يوشك أن ينفد أمام روسيا لتغيير سياستها في أوكرانيا.

وفي تعليقات حادة بنحو غير معتاد، اتهم كيري روسيا باستخدام الدعاية لإخفاء ما تحاول أن تفعله على أرض الواقع في شرق أوكرانيا، وهو "زعزعة استقرار تلك المنطقة وتقويض الانتخابات الأوكرانية المقررة الشهر المقبل".

وأبلغ كيري الصحافيين في وزارة الخارجية الاميركية أن "النافذة أمام تغيير المسار توشك أن تغلق". وكرر تهديدات أمريكية بفرض عقوبات جديدة إذا لم يغيّر (الرئيس الروسي، فلاديمير) بوتين سياسته.

وقال: "إذا اختارت روسيا مسار تخفيف التصعيد، فإننا جميعاً سنرحّب به. لكن إذا لم تختر روسيا ذلك، فإن العالم سيعمل لضمان أن تدفع روسيا كلفة متزايدة. وسيكون خطأً باهظ الثمن".

من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي، تشاك هيغل، ليل الخميس، إن تقارير عن نشاط عسكري بمحاذاة الحدود بين روسيا وأوكرانيا تبعث على القلق، وإنه يحاول ترتيب اتصال مع نظيره الروسي، سيرغي شويغو.

وأبلغ هيغل الصحافيين، أثناء زيارة إلى مكسيكو سيتي، أن تصرفات روسيا العسكرية "تزعزع الاستقرار بنحو خطير، وتعتبر تصرفاً استفزازياً جداً".

وفي وقت سابق من يوم أمس الخميس، قال الرئيس الأميركي، باراك أوباما، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الياباني، شينزو أبي، في طوكيو "حتى الآن شهدنا منهم عدم الالتزام لا بروح ولا بنص اتفاق جنيف". وأضاف "إذا ما استمر الأمر، فستكون هناك عواقب أخرى، ونحن سنفرض المزيد من العقوبات".

مقترح ألماني للتهدئة

وفي محاولة لاحتواء التوتر، اعتبر وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، اليوم الجمعة، أنه يجب أن يزور وفد مشترك رفيع المستوى من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا البؤر المضطربة في أوكرانيا مع مسؤولين محليين، لإعطاء اشارة دعم سياسي لاتفاق جنيف الذي تم التوصل اليه يوم 17 أبريل/ نيسان.

وأوضح شتاينماير، في رسالته الى منظمة الامن والتعاون في أوروبا، أن "من المهم تحقيق تغييرات مرئية للسكان بسرعة".

وأعلنت الرئاسة الفرنسية، في بيان، اليوم الجمعة أن أوباما والرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ورئيسي الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، والايطالي، ماتيو رنزي، تطرقوا الى امكانية فرض عقوبات جديدة ضد موسكو.

وأوضحت الرئاسة الفرنسية في ختام المؤتمر عبر الهاتف، أن "رؤساء الدول والحكومات دعوا الى رد سريع من مجموعة السبع، وتطرقوا الى تبني عقوبات جديدة من قبل المجتمع الدولي ضد روسيا".

وأكدت ميركل أن "وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيجتمعون قريباً، لبحث فرض مزيد من العقوبات ضد روسيا". وجاءت تصريحاتها، بعدما شكت في اتصال هاتفي ببوتين من عدم التزام بلاده باتفاق جنيف، الذي أبرم الأسبوع الماضي بهدف تهدئة التوترات.

وأعربت عن اعتقادها بأن روسيا قادرة على وضع الانفصاليين في شرقي أوكرانيا على مسار سلمي، مشيرة إلى أن كييف اتخذت مجموعة من الخطوات لتنفيذ الاتفاق.

وشددت ميركل على أهمية مواصلة الجهود الدبلوماسية والاستعداد للانتخابات الرئاسية في أوكرانيا المقررة في الخامس والعشرين من مايو/أيار.

غير أنها قالت إن وزراء الخارجية سيبحثون أيضاً عقوبات "من مرحلتين"، مشيرة إلى أنهم سيجتمعون في أقرب وقت ممكن.

وكان الكرملين أعلن أن بوتين وميركل، وجّها دعوة، اليوم الجمعة، لاجراء محادثات ثلاثية الأطراف بشأن امدادات الغاز الروسي الى أوروبا.
وجاء في بيانه أن "المحادثة الهاتفية بين بوتين وميركل تمحورت في الحاجة الى اجراء محادثات في أقرب وقت ممكن بين روسيا والاتحاد الاوروبي وأوكرانيا، في شأن أمن الامدادات ومرور الغاز الروسي".

استمرار عملية "مكافحة الإرهاب" 

ميدانياً، أعلن وزير الداخلية الأوكراني، ارسن أفاكوف، اليوم الجمعة، أن بلاده ماضية قدماً في العملية التي تقوم بها ضد انفصاليين مؤيدين لروسيا في شرق البلاد.

وأكد أن كييف تمتلك موارد عسكرية كافية لمواصلة الهجوم على مدار الساعة. ونفى أفاكوف أحاديث عن ان كييف أوقفت "عملية مكافحة الارهاب" بسبب تهديدات من موسكو.

وكتب في صفحته على فيسبوك "لم يحدث توقف لعملية مكافحة الارهاب بسبب تهديد الغزو من جانب القوات المسلحة الروسية". وأضاف "العملية مستمرة. يجب أن يستعد الارهابيون على مدار الساعة. ليس هناك ما يدعو المدنيين إلى الخوف".

كذلك نفى التلميحات التي أشارت إلى أن قوات كييف تقوم بأعمال تفوق قدراتها، موضحاً أنه تم التحوط لتجنب وقوع اصابات بين غير العسكريين بعدما حذرت موسكو من انها قد تتحرك لحماية المدنيين.

وكتب أفاكوف، في صفحته على فيسبوك، "على عكس الشائعات، تم نشر القوات المهمة فقط من عملية مكافحة الارهاب من دون استخدام دبابات أو أي مدرعات اخرى ثقيلة". وأضاف "عملية مكافحة الارهاب لديها قوات كافية تحت تصرفها لتبديل الافراد والعمل على مدار الساعة اذا اقتضى الأمر".

وأشار مسؤول بهيئة الرئاسة الأوكرانية، الى أن قوات خاصة بدأت مرحلة ثانية من عملياتها في شرق البلاد، اليوم الجمعة، وفرضت حصاراً كاملاً على مدينة سلافيانسك التي يسيطر عليها انفصاليون.

ونقل متحدث رئاسي عن كبير الموظفين لدى القائم بأعمال الرئيس الأوكراني، أوليكسندر تيرتشينوف، سيرغي باشينسكي، قوله إن "وحدات من القوات الخاصة الأوكرانية بدأت المرحلة الثانية، التي تشمل اتخاذنا قراراً بحصار مدينة سلافيانسك تماماً، وعدم اعطاء فرصة لجلب تعزيزات".

ونقلت وكالة "انترفاكس-أوكرانيا" عنه قوله "العملية ستستمر. هدفها حصار الارهابيين في سلافيانسك وعدم السماح بوقوع خسائر في صفوف المدنيين".

وأفيد اليوم الجمعة أيضاً عن إصابة سبعة أشخاص بجروح الليلة الماضية عند نقطة تفتيش يحرسها أفراد يؤيدون أوكرانيا قرب ميناء أوديسا الأوكراني على البحر الأسود، عندما انفجرت عبوة ناسفة.

ووضع السكان في هذه البلدة عدة نقاط تفتيش مماثلة قرب البلدة تهدف إلى منع الانفصاليين المؤيدين لروسيا، من الدخول عبر اقليم ترانسدنيستريا الانفصالي في مولدوفا.

وكانت وزارة الداخلية الأوكرانية قد أعلنت في بيان أمس الخميس، أن الجيش وقوات خاصة من الشرطة قتلا "نحو خمسة إرهابيين"، أثناء تدمير ثلاث نقاط تفتيش على طريق شمال مدينة سلوفيانسك، التي برزت كمركز للتمرد المسلح في المنطقة. وأضافت أن أحد جنود القوات الحكومية أصيب في الاشتباك.

في المقابل، أكدت متحدثة باسم المتمردين في سلافيانسك، ستيلا خوروشيفا، مقتل اثنين على الأقل من المقاتلين الموالين لروسيا عند نقطة تفتيش في قرية خريستيشك.

وعلى بعد كيلومترات عدة شمال سلوفيانسك، وتحديداً بالقرب من بلدة ماكاتيخا، أضرمت ميليشيا موالية لروسيا النار في متاريس من إطارات السيارات، في محاولة على ما يبدو للحد من الرؤية من الجو.

وأُصيبت مروحية للجيش الأوكراني، اليوم الجمعة، باطلاق نار من قاذفة صواريخ، بينما كانت متوقفة في مطار كراماتورسك، في الشرق الانفصالي وجُرح قائدها، كما أفادت السلطات الأوكرانية.
وأعلنت وزارة الدفاع في بيان أن "مروحية عسكرية من طراز ام آي-8 انفجرت في مطار كراماتورسك". واوضح المسؤول في اجهزة الاستخبارات الاوكرانية، فاسيل كروتوف، بحسب ما نقلت وكالة "انترفاكس" الأوكرانية، ان المروحية كانت جاثمة على الارض واصيب قائدها بجروح لكنه تمكن من الهرب.

وقبل الاشتباكات بساعات، كانت وزارة الداخلية الأوكرانية قد أعلنت أن الشرطة أخلت مجلس المدينة في ماريوبول، من محتجين موالين لروسيا كانوا يحتلونه منذ أكثر من أسبوع، غير أن مسؤولي الشرطة المحلية ومحتجين قدموا صورة مغايرة تماماً لما حصل، وفق ما ذكرت وكالة "أسوشييتد برس".

وتزامنت التطورات الميدانية والسياسية مع إعلان "جمهورية دونيتسك" أمس الخميس أنها لا تزال تنوي إجراء استفتاء حول الاستقلال عن أوكرانيا في موعد أقصاه 11 مايو/ أيار.

وفي سياق آخر، فتحت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً أولياً حول الجرائم التي ارتُكبت قبل وخلال فترة سقوط الرئيس الأوكراني السابق، فيكتور يانوكوفيتش، كما أعلنت المحكمة الجمعة.

وذكر بيان المحكمة، بحسب "فرانس برس" أن "مدعية المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، قررت فتح تحقيق أولي حول الوضع في اوكرانيا بهدف تحديد ما اذا توافرت المعايير الضرورية لفتح تحقيق".

وحذّر رئيس جورجيا، غورغي مارغفيلاشفيلي، الغرب من اثارة عداء روسيا.
وقال رئيس البلاد، التي غزتها القوات الروسية في 2008، إن "روسيا يمكن أن تصبح حتى اكثر عدوانية ويصعب التنبؤ بها وخطيرة".

وأشار مارغفيلاشفيلي، بحسب ما نقلت عنه "أسوشيتد برس" أنه "يجب التوضيح لروسيا، أن العلاقات بين الجيران أو الدول في أنحاء العالم، لا تُبنى من خلال التدخل العسكري".

المساهمون