أهداف جولة غريفيث: إحياء اتفاق الحديدة والمفاوضات السياسية

أهداف جولة غريفيث: إحياء اتفاق الحديدة والمفاوضات السياسية

20 ديسمبر 2019
أقرّ غريفيث بإخفاقات في تنفيذ اتفاق الحديدة(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
بالترافق مع ذكرى مرور عامٍ على توقيع اتفاق استوكهولم بشأن مدينة الحديدة الاستراتيجية، كثّف مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، من جهوده الرامية إلى تعزيز صمود الاتفاق، بإحياء بنود جديدة، تتصل بالجانب الإنساني والاقتصادي على وجه التحديد، بالإضافة إلى جسّ نبض الأطراف المعنية، بطرح أفكار إطلاق جولة جديدة من مفاوضات السلام، تسعى إلى استثمار التهدئة النسبية السائدة، لتحقيق اختراق في جدار الحل السياسي بالبلاد.

وكشفت مصادر قريبة من الحكومة لـ"العربي الجديد"، أن غريفيث، الذي التقى وزير الخارجية في الحكومة الشرعية، محمد الحضرمي، حمل حصيلة نقاشاته مع جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وزعيمها عبد الملك الحوثي، بشأن ترتيبات المضي في تنفيذ مجموعة من الخطوات الإنسانية، من شأنها أن تساهم في تحريك الجمود، بعد عام من اتفاق السويد، وما ارتبط به من اخفاقات وصمود هش، حتى اليوم.



ووفقاً للمصادر، تمحورت النقاشات حول إمكانية المضي بإعادة فتح مطار صنعاء الدولي، المغلق من قبل التحالف منذ أغسطس/ آب 2018، مع تشديد الحوثيين على أهمية إعادة فتحه، في إطار خطوات "بناء الثقة"، بالإضافة إلى إمكانية المضي ببنود اتفاق الحديدة، الخاصة بالجانب الاقتصادي، وتحديداً في ما يتعلق بآلية تقترحها الأمم المتحدة لتنظيم موارد مختلف الموانئ، بما فيها الحديدة وتلك الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، بما يسمح بدفع مرتبات الموظفين في مختلف أنحاء البلاد.
وفي الوقت الذي لم تعلن فيه الأمم المتحدة مزيداً من التفاصيل بشأن الآلية الاقتصادية التي تقترحها لحل أزمة عدم دفع مرتبات الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الحوثيين، التي فاقمت الكارثة الإنسانية، منذ أواخر عام 2016، تعد المقترحات، امتداداً لخطة دشنها المبعوث الأممي السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد في عام 2017، مع تعديلات مبنية على المستجدات الأخيرة، سواء على المستوى الميداني، أو السياسي، بعدما أظهر الحوثيون موقفاً ترحيبياً، إزاء خطة على هذا النحو، من شأنها أن تسعى إلى تحييد جزئي على الأقل، للجانب الاقتصادي.
وجاء التحرك الأممي، بالترافق مع التطورات المتصلة بالشأن الاقتصادي، إذ عاد تدهور العملة المحلية في الأسابيع الأخيرة، وأصدر الحوثيون قرارات، بمنع تداول الطبعة الجديدة من العملة، التي أقرها البنك المركزي اليمني ومقره الرئيسي في عدن، وهي القرارات، التي اعتبرتها الحكومة على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني، أنها "خطيرة"، تندرج ضمن "السياسات التدميرية التي انتهجتها المليشيا منذ انقلابها لضرب الاقتصاد الوطني والفساد والمضاربة بالعملة وتقويض جهود الحكومة وسياساتها النقدية"، على حد تعبيره.
وسعى المبعوث الأممي إلى إحياء الحراك الخاص بدعم اتفاق الحديدة، من خلال الترتيب لعقد الاجتماع السابع، الذي انطلق الأربعاء الماضي واستمر حتى أمس الخميس، للجنة تنسيق إعادة الانتشار، بقيادة رئيس فريق المراقبين الدوليين، الجنرال الهندي أبهيجيت غوها، الذي ترأس اجتماعات اللجنة المؤلفة من ممثلين عن الطرفين، على متن سفينة في البحر الأحمر، لمناقشة المضي بالبنود المتعثرة من الاتفاق.
من زاوية أخرى، كشفت مصادر متطابقة من الحكومة وأخرى من فريق الأمم المتحدة، أن غريفيث، خلال جولته في كل من صنعاء والرياض، طرح على الحوثيين والجانب الحكومي، إمكانية إطلاق جولة مفاوضات جديدة، تحدثت تسريبات سابقة عن مساعٍ لعقدها مطلع العام المقبل.

وأشارت المصادر إلى أن غريفيث، في إطار جهوده لإحياء مسار المفاوضات، يسعى إلى تحقيق تقدمٍ على صعيد الخطوات الإنسانية، بما يتصل بمطار صنعاء والآلية الاقتصادية الخاصة بالحديدة، في سبيل الدفع نحو محادثات جديدة، بناءً على العديد من المعطيات والمستجدات الشهور الأخيرة. وأكد غريفيث في تصريحين منفصلين، عقب لقاءيه مع الحوثيين والحكومة، أنه ناقش "الخطوات المقبلة لإطلاق عملية السلام وإنهاء النزاع".
في المقابل، جددت الحكومة موقفها الذي تتمسك به منذ شهور طويلة، باعتبار أن الذهاب إلى مفاوضات جديدة مشروط بتنفيذ اتفاق الحديدة، وهو ما أكده وزير الخارجية اليمني خلال اللقاء بغريفيث، حيث قال وفقاً لوكالة الأنباء الحكومية (سبأ) إن "تنفيذ اتفاق الحديدة وتغيير الواقع على الأرض هو مفتاح المضي قدماً للمشاورات القادمة للسلام".
وبالترافق مع الجولة الأخيرة، نشر غريفيث، على موقعه الرسمي، تقريراً مطولاً، يجيب عن تساؤلات بشأن اتفاق الحديدة، والالتزامات التي يقتضيها، وكذلك النجاحات وجوانب القصور بالتنفيذ، مع التركيز على أن الاتفاق جنّب المدينة الحرب التي كانت على أبوابها، في الشهور الأخيرة للعام المنصرم.
وعلى الرغم من أن الأفق يبدو مسدوداً أمام إطلاق مفاوضات جديدة، بالنظر إلى مجمل النقاط المتعثرة في اتفاق استوكهولم، تأتي التحركات الأخيرة للمبعوث الدولي، في أعقاب تطورات الشهور الماضية، التي تراجعت فيها وتيرة التصعيد العسكري، على أكثر من جبهة، بما في ذلك وقف الحوثيين هجماتهم باتجاه السعودية، الأمر الذي يعزز من فرص التوجه نحو طاولة حوار جديدة، ومع ذلك، لا يزال من المبكر الحكم على مستوى التقدم، قبل اتضاح مزيد من الخطوات، سواء على صعيد "بناء الثقة"، أو في ما يتعلق بالخطة الأممية الخاصة بعقد جولة مفاوضات جديدة.