أنا زلاتان (40) عندما وصلت إلى ميلان وكأنني أوباما

أنا زلاتان (40) عندما وصلت إلى ميلان وكأنني أوباما

04 أكتوبر 2015
+ الخط -

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل معاًإلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.

كانت هُناك ضجة إعلامية وجماهيرية كبيرة جدا، أتذكر شيئا قالهُ ماكسي، أو شيئين في الحقيقة، الشيء الأول كان مضحكا في الحقيقة، فلقد سألني ماكسي: "أبي، لماذا جميعهم يلاحقونك؟"، حاولت أن أشرح له: "والدك يلعب كرة القدم، الناس يرونه على التلفاز، ويعتقدون أنهُ جيد"، بعد ذلك شعرت بالفخر: والدهُ في النهاية ليس غبيا جدا، لكن الشيء الثاني أخذ منحنى آخر، لقد كان أمرا أخبرتني به المربية، لقد قالت لي إن ماكسي يسأل لماذا كل الناس ينظرون إله، وهذا أمر كان واضحا ومر به ماكسي بوضوح عندما جاء معي إلى ميلان، لكن الجزء الأسوأ هو أنهُ قال عن هذا: "أنا لا أحب أن ينظر الناس لي"، وأنا حساس تجاه هذا الأمر، هل سيشعر ابني أيضا بأنهُ مختلف الآن ؟ أكره عندما يشعر الأطفال بالنبذ عن البقية، ربما لأن هذا يجلب بعض ذكريات طفولتي: زلاتان لا ينتمي إلى هُنا، زلاتان هكذا وهكذا.

- كان ذلك عني، لكنني الآن أحاول أن أكون بجانب ماكسي وفينسنت كثيرا، إنهما رائعان، متوحشان، لكن الأمر لم يكن سهلا، فالجنون قد بدأ، بعدما تحدثت مع الصحافيين خارج ملعب الكامب نو ذهبت إلى هيلينا في المنزل، لم تتوقع أننا سننتقل مجددا بهذه السرعة، ربما فضلت البقاء لكن في النهاية هي تعلم أكثر من غيرها: عندما لا أسطع في الملعب، فإنني أصبح مثل وردة ذابلة، بعد ذلك خرجنا جميعا، وأخبرت غالياني: أريد أن آخذ جميع عائلتي معي، أنا وهيلينا، أطفالي والكلب، ومينو أيضا، غالياني تمعن بالأمر ومن ثم قال: نعم نعم، سنأخذ الجميع معنا، كان يبدو بأنه قد قام بالتجهيز لكل شيء، قفزنا جميعا إلى إحدى طائرات النادي الخاصة وغادرنا برشلونة.

- أتذكر عندما هبطنا في مطار ليناتي في ميلانو، وكأن أوباما هو من سيأتي، كانت هُناك ثماني سيارات أودي سوداء واقفة في صف واحد، مع سجاد أحمر مفروش أمامنا، خرجت من الطائرة وفينسنت على ذراعي، خلال دقائق بسيطة أجريت مقابلات مع صحافيين قد تم اختيارهم، مراسلين عدة من قناة الميلان وقنوات السكاي، في الطرف الآخر كان هناك المئات من الجماهير يصرخون ويهتفون، لقد كان الأمر عظيما، كنت أحس بذلك في الأجواء، النادي انتظر هذه اللحظات طويلا. كان ذلك منذ خمسة سنوات عندما قام بيرلسكوني بحجز تلك الطاولة في مطعم الجينانيو، لقد قاموا بتجهيز كل شيء، قاموا بكل الإجراءات الممكنة، من بين الأشياء الجميلة، حركة جميلة في الموقع الرسمي، كانت الشاشة سوداء في البداية، ومن ثم يأتي صوت انفجار كبير، قبل ظهور اسمي: إبراهيموفيتش، يظهر بفلاش مميز، ومعه كلمة: "أخيرا لنا".

-كان الأمر كبيرا جدا، فالحكاية انطلقت الآن، في الموقع الرسمي، على ما يبدو لم يكن هناك أحد يتوقع ذلك الزخم الكبير من المتابعين، لهذا الموقع توقف عن العمل بسبب انهيار السيرفر، أتذكر أنني كنت أسير بجانب أحد الأسوار التي يقف بجانبها المئات من الجماهير التي كانت تصرخ  باسمي: "إبرا إبرا"، ثم ركبت في سيارة أودي، وبالتأكيد، انتشيت، الأدرينالين دب في جسمي، وأدركتُ حينها نوعية الحُفرة السوداء التي كنت أعيش فيها في برشلونة، كان الأمر وكأنني كنت في سجن، في الوقت الذي تحدث فيه الاحتفالات في الخارج، شعرت أن ميلان كله كان ينتظرني، كان يريد مني أخذ المسؤولية، كان يفترض أن أقودهم إلى البطولات مجددا، وفي الحقيقة أحببت الأمر.

- الشارع الذي كان أمام فندق بوسكولو الذي كنا سوف نسكن فيه، قد تم تطويقه، الجماهير كانت تحيط بالمكان من كل جهة، كانت تصرخ وتلوح بشعار الميلان، في حين في الداخل، إدارة الفندق كاملة اصطفت وانحنت أمامنا، قمنا بأخذ الجناح الكبير في الفندق، وشعرنا منذ البداية: كل شيء كان في غاية التنظيم، هذا النادي لدية قوة التقاليد، وفي الحقيقة، هذا أمر يستجيب له الجسد تلقائيا فمنذ البداية أردت لعب كرة القدم، ميلان كان سيلعب في نفس اليوم مباراة ضد ليتشي في افتتاحية الدوري في السان سيرو، طلبت من غالياني المشاركة في اللقاء، لكن الأمر لم يتم، لأن أوراقي لم تجهز بعد، على الرغم من ذلك ذهبت إلى الملعب.

- كان سيتم تقديمي بين الشوطين، لن أنسى أبدا ذلك الشعور، لم أرد أن أذهب إلى غرف الملابس، لم أفضل أن أزعج اللاعبين قبل اللقاء، لكن بجانب غرف الملابس كانت هُناك صالة كبيرة، جلست فيها مع غالياني وبيرلسكوني، وبقية الأسماء الكبيرة.

- "أنت تذكرني بلاعب كان لدينا هُنا".

- عرفت عمن يتحدث، لكنني أردت أن أكون مؤدبا أمام بيرلسكوني: "من؟".

- "شخص كان يهتم بالأمور لوحده".

لقد كان فان باستن، بالتأكيد كان يتحدث عنه، لكنهُ رحب بي بعد ذلك: "إنهُ لشرف عظيم"، ومن هذه الكلمات، بعد ذلك ذهبنا إلى المنصة من أجل متابعة اللقاء، جلست بجانبه على بعد مقعدين، وذلك لأسباب سياسية تتعلق به، الرجل لطالما كان يدور الحديث عنه، بالرغم من ذلك كان هادئا  حينها، بالنظر لما حدث لاحقا، فبعد شهرين من ذلك، انفجرت الأحاديث عن بيرلسكوني، مع الحديث عن مشاكل مع فتيات وانتهاكات قانونية، لكنه جلس هُناك في المقعد هادئا وكان يبدو سعيدا، بدأت أشعر بالحماس والنشوة، الناس كانوا يصرخون باسمي من جديد، نزلت إلى الملعب، كان هناك سجاد أحمر تم فرشه في المنتصف، أثناء فترة انتظاري على الطرف قبل دخول الملعب، شعرت بأن الملعب في حالة غليان تامة، السان سيرو كان كامل العدد، على الرغم من أنهُ كان شهر أغسطس/ آب لم تنته الإجازات بعد.

- خرجت إلى الملعب، كانت الدنيا تدور حولي، شعرت بأنني طفل صغير مرة أخرى، لم تمر فترة طويلة منذ أن كنت بنفس الوضعية في ملعب الكامب نو، انطلقت وسط أهازيج وهتافات الجماهير، ووقف أمام مجموعة من الأطفال الصغار، قمت بتحيتهم جميعا، ومن ثم صعدت للمسرح،  "الآن سوف نفوز بكل شيء"، قلتها باللغة الإيطالية، حينها ازداد الجنون في الملعب، شعرت بأن الملعب يهتز، بعد ذلك قمت برفع القميص، كان مكتوبا عليه اسم إبراهيموفيتش، لكن بدون رقم، لم أحصل على أي رقم حينها، عرضت لي مجموعة من الأرقام، ولم يكن أي منها جيدا  لهذا قالوا إنني قد أحصل على رقم 11 من هونتيلار، كلاس يان هونتيلار تم وضعه في السوق، لكنهُ لم ينتقل بعد، لهذا كان على الانتظار، على كل، التحدي سيبدأ الآن، الآن يجب أن يفوز الميلان بلقبه الأول في الدوري منذ سبع سنوات، حقبة جديدة من العظمة سوف تنطلق، هكذا وعدت الجميع.

- كان لدي أنا وهيلينا حراس شخصيون، وربما يسأل أحد ما: ما هذه الرفاهية؟ هي ليست رفاهية، في إيطاليا، الهستيريا تحيط بجميع نجوم كرة القدم، وهذا يشكل ضغطا لا يصدق، وفي الحقيقة، سبق أن حدثت الكثير من الأشياء المخيفة لنا، ليس قضية إطلاق النار خارج شقتنا في تورينو فقط، فلقد حدثت قصة لي عندما كنت في الإنتر، كنا سنلعب مباراة في السان سيرو، وأثناء تلك الليلة قامت سانيلا بزيارتنا، هيلينا وسانيلا قاما بقيادة سيارتنا المرسيدس الجديدة خارج الملعب، أمام الملعب في الساحة كان هُناك ازدحام مروري كبير، لهذا اضطرت هيلينا إلى أن تقف وتسير بهدوء في وسط الطريق، وهذا ما أعطى للناس الفرصة أن يركزوا ويعرفوا هويتها، أحد الأشخاص على دراجة نارية من نوع فيسبا انطلق مسرعا بجانب السيارة، وقام بضرب المرآة الخلفية للسيارة.

- في تلك الوضعية هيلينا لم تعرف هل هذا تصرف مقصود أم لا، كانت تفكر: أووه، ما الذي يفعله؟ قامت بفتح النافذة من أجل أن تصحح وضعية المرآة الخلفية، لكنها رأت شيئا على الفور: رجل جديد آخر بدراجة نارية، انطلق نحوها وهو يرتدي خوذته، حينها أدركت هيلينا المسألة: إنهُ فخ! حاولت فورا إغلاق النافذة، لكن السيارة كانت جديدة لهذا لم تعرف الأزرار المناسبة لإغلاق النافذة ولم تتعرف على صندوق التحكم فيها، الشخص وصل إليها وضربها في الوجه، حدث عراك كبير، المرسيدس اصطدمت بالسيارة التي أمامها، ثم بدأ الرجل يحاول سحب هيلينا إلى الخارج،  لكن لحسن الحظ، سانيلا كانت معها، وقامت بسحب جسمها إلى الداخل، لقد كان أمرا جنونيا بالفعل، كانت عملية شد وجذب حتى الموت، أخيرا نجحت سانيلا في إعادة هيلينا إلى السيارة من جديد، لتلتف هيلينا بعد ذلك، وتوجه ضربة قوية لـ وجه ذلك الغبي من زاوية مستحيلة، كان ذلك بكعبها الذي يبلغ طوله نحو 11 إنشا، لا بد أن ذلك كان مؤلما، الشخص هرب بعد ذلك، الناس تجمعوا حول السيارة، كانت هناك فوضى عارمة، وهيلينا تعرضت لبعض الرضوض.

- كان يمكن أن تذهب الأمور لأسوأ من ذلك، هذه أمور تحدث كثيرا لسوء الحظ، هذه هي الحقيقة، نحن بحاجة للحماية، بكل الأحوال، حارسي الشخصي شخص جيد للغاية، قام بإيصالي في أول يوم إلى الميلانيلو، مركز التدريبات لنادي الميلان، كنت سأخضع للفحوصات الطبية المعتادة هُناك، الميلانيلو أقل من ساعة خارج ميلانو، خارج البوابات كان هناك الكثير من الجماهير، دخلت إلى هُناك، منذ اللحظة الأولى شعرت بالثقل الكامل لتقاليد الميلان هُناك، فورا  قمت بتحية الأساطير في الفريق: زمبروتا، نيستا، أمبروسيني، جاتوزو، بيرلو، سيدورف، أبياتي، إنزاغي، وكذلك الشاب البرازيلي بانو، والمدرب اليغري، والذي كان للتو قد وصل من كالياري، ولم يبد بأن لديه الكثير من الخبرة، لكنه كان يبدو جيدا.

- في بعض الأحيان عندما تأتي إلى ناد جديد، تكون موضعا للسؤال، فيجب عليك أن تقاتل من أجل إثبات حالتك، مثل: هل تعتقد أنك النجم هُنا؟ لكن هُنا في الميلان، منذ اللحظة الأولى شعرت: الجميع يحترمني، وعلى الرغم من أنني أعتقد أنهُ لا يجب علي قول ذلك، لكن عددا من لاعبي الفريق قالوا لي بعد وصولي: لقد زدنا بنسبة 20% بعد وصولك، أزحتنا من الظلام، ميلان لم يكن منتكسا فقط في بطولة الدوري لسنوات، بل إنه لم يكن الأفضل في المدينة في السنوات الماضية، فإنتر كان قد سيطر، سيطر منذ قدومي إليه في عام 2006 مع كل تلك النصائح التي جلبتها معي من كابيلو، والتي في إحداها كان يقول: التدريبات بمثل أهمية المباريات، لا يمكنك أن تتدرب بسهولة ومن ثم تصبح شرسا في الملعب، يجب أن تقاتل في كل لحظة وإلا فإنني سوف أطاردك وأجعل منك أضحوكة ونكتة، كل تلك الأمور كانت معي في كل مكان ما عدا برشلونة.

- بدايتي ذكرتني ببدايتي مع الميلان بطريقة ما: يجب أن تقودنا، شعرت بأن الشباب قالوا: "الآن ميزان القوى سيختلف"، كانت الأمور في غاية الحماس في أول التدريبات مع الفريق، الأمور ذهبت حماسية بطريقة مجنونة، وكما في فترتي مع إنتر، بدأت أصرخ على الناس، بدأت أحيا ومن ثم أصرخ وأغضب، كنت أضحك على من يخسر، وأضع عليهم بعض النُكت، الناس كانوا يسألون: ما لذي يحدث؟ لم نر هذا الأمر منذ سنوات.

المساهمون