أسرى الداخل الفلسطيني .. صفقة النسيان

أسرى الداخل الفلسطيني .. صفقة النسيان

09 مارس 2014
اسرى فلسطين 48 بين النسيان والتجاهل الرسمي
+ الخط -

تجاوز أسعد الدقة، وهو من مواطني باقة الغربية في فلسطين المحتلة عام 1948، سن الخمسين عاماً. لكنه لا يزال، ومنذ 28 عاماً، يصر على حق أخيه الأصغر وليد، الأسير لدى قوّات الاحتلال الاسرائيلي، بالحرية.
لم يفوّت، أسعد الدقة، منذ غاب أخوه في سجون الاحتلال، بعد القبض عليه وثلاثة من رفاقه، وإدانتهم في محكمة عسكرية للاحتلال بقتل إسرائيلي والاستيلاء على سلاحه، المشاركة في كل مظاهرة ونشاط واجتماع خاص بأسرى فلسطيني الداخل.
لم يتعب أسعد، بل تعبت والدته، التي تجاوزت السبعين من عمرها، تعبت من المعاناة والركض وراء تحرير ولدها.
تقول الأم، إنها التقت الرئيس الراحل ياسر عرفات، ونذرت أمامه إن "روحت الشباب عالبيت سأذبح الذبائح". لكن أم وليد، لم تتمكن من المشاركة اليوم في الوقفة التظاهرية دعماً للأسرى وإصراراً على استحقاق الإفراج عن أسرى الداخل.
في عشر نقاط مختلفة من الوطن المحتل، انتشر المئات من الفلسطينيين، ومعهم بعض أهالي الأسرى، تلبية لنداء من رابطة "الحركة الأسيرة" في الداخل، بالتظاهر والوقوف، اليوم السبت، لمطالبة السلطة الفلسطينية بعدم "التنازل" هذه المرة، كما في مرات سابقة، عن أبنائهم.
"إنها الفرصة الأخيرة لتحريرهم"، يقول أسعد الدقة، مع إطلاق تظاهرات اليوم تحت شعار حملة "ميلاد".
لم تُسأل الرابطة عن سر الاسم، لكن أسعد يقول: إن ميلاد هو الاسم الذي يعتزم أخوه الأسير، وليد، بعد تحريره، وإتمام زواجه، إطلاقه على وليده بعد أن يحصل على الحرية.
غير أنّ المطبات كثيرة.
يرفض، أسعد الدقة، الخوض في تفاصيل الدفعة الرابعة، لكنه يكشف لنا أن أهالي 14 أسيراً من الداخل الفلسطيني، التقوا أخيراً رئيس السلطة الفسلطينية، محمود عباس، الذي، حسب أسعد، وعد بعدم التراجع عن مطلب تحرير الدفعة الرابعة من الأسرى.
لكن المخاوف من أن تتجاهلهم السلطة الفلسطينية لا تُقارن بالمخاوف من غدر الحكومة الاسرائيلية، ورفضها تحرير الدفعة الرابعة، بحجة أن الأسرى يحملون الجنسية الإسرائيلية.
ينضم، زكي أبو مخ، هو الآخر للحديث، ويقول إنه "ينتظر بفارغ الصبر فك أسر أخيه، حتى يعيش حياته، عله يتزوج وينجب أولاداً".
زكي أبو مخ، مثل أسعد الدقة، يحذر توجيه انتقاد للسلطة الفلسطينية، التي تركت أسرى الداخل صفقة بعد صفقة في الأسر، لكنه يدرك هذه المرة أن الحل لم يعد بيد أبو مازن، بقدر ما هو بيد نتنياهو، والأخير يلمح في الأسابيع الأخيرة الى أن إطلاق سراح أسرى الداخل ليس أمراً بديهياً، بل بحاجة لموافقة من وزراء الحكومة، الذين يعارض غالبيتهم أصلاً مقترحات كيري.
ويجد أهالي أسرى الداخل أنفسهم اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أمام الفرصة الأخيرة؛ أبناؤهم من قدامى الأسرى، قضى أقل واحد منهم عشرين عاماً وراء القضبان. وكانوا يأملون عند كل صفقة أن يتم إدراج أبنائهم فيها، لكن الصفقات توالت وظل أبناؤهم في السجن، فلا أحد يذكرهم ولا أحد يطالب بهم، وإسرائيل تسد الطريق أمام كل من يفكر في طرح أسمائهم، بذريعة أنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية.
واليوم أطلقت حملة "ميلاد" على هيئة وقفات تضامن في شتى أنحاء فلسطين من القدس ورام الله، مرورا بالنقب ويافا وقرى المثلث وحيفا وعكا والجليل، ولا يجد أهل الأسرى سوى الانتظار لما ستحمله الأسابيع المقبلة.
وألمحت مصادر إسرائيلية، في الأسابيع الأخيرة، إلى أن رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو "لن يكون قادرا على تمرير إطلاق الدفعة الرابعة، من دون أن يكون ثمة تفاهم وموافقة إسرائيلية ـ فلسطينية على تمديد المفاوضات لعام، والاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة، والترتيبات الأمنية التي تطلبها إسرائيل في غور الأردن، والتنازل عن حق العودة".

المساهمون