أزمة صحافيي الجزيرة.. نكسة محرجة لإدارة أوباما

27 يونيو 2014
شقيقا جريسته يتحدثان الى الصحفيين في القاهرة (Getty)
+ الخط -

نشرت "ذي جارديان" عدداً من المقالات عن أزمة صحافيي الجزيرة، تعرضت فيها إلى معظم التفاصيل التي تحيط بهذه القضية، بينما ركزت مجلة "فورين بوليسي" على تحرك الكونجرس الأميركي للضغط.

وتحت عنوان "محمد فهمي يتبرع لإنقاذ الاقتصاد المصري"، كتبت "ذي جارديان": "تباينت ردود الفعل المحلية بعد إصدار الحكم على الصحافيين، بينما كانت ردود الفعل الدولية أكثر وضوحا، فقد انتقدت الحكم بشدة وأظهرت العوار الذي شاب المحاكمة في جميع مراحلها. فالكثير من المصريين المريدين للحكومة الحالية في مصر، يرون أن قناة "الجزيرة" منحازة للإخوان المسلمين، وهو الأمر الذي أدى إلى انتشار شعور الكراهية حيالها، واعتبار صحافيي الجزيرة إرهابيين. وعلق إبراهيم عيسى مذيع البرامج الحوارية البارز الذي حكم عليه بالسجن في عهد مبارك: "لا يوجد أحد منهم يعمل صحافيا، أو مسجلا لدى "نقابة الصحافيين المصريين"، أو يعمل في صحيفة مصرية".
وتقول "ذي جارديان"، إنه منذ صدور الحكم انكمشت مساحة المعارضة بشدة، فقد أعلن الروائي الأكثر شهرة في البلاد علاء الأسواني، عبر وسائل التواصل الاجتماعي أنه لن يكتب عموده الأسبوعي في صحيفة "الشروق" الخاصة، بسبب الحملة على المعارضة، على الرغم من أن الأسواني يعدّ من أشدّ المؤيدين للانقلاب. فكتب قائلا: "إنه لم يعد مقبولاً أن يكون لك رأي مختلف، وأن توجه انتقادا بل لم يعد مقبولاً أن نقول الحقيقة، أصبح مقبولا فقط، أن تثني على الأمور".
ويأتي منع الأسواني من الكتابة بعد الحكم بسجن الصحافي مصري محمد حجازي، بتهمة التحريض على الفتنة الطائفية، لأنه كان يغطي الهجمات الطائفية التي تحدث في صعيد مصر. وقد أعلن مكتب النائب العام لاحقاً محاكمة 23 ناشطا، بما في ذلك العديد من مشاهير المدافعين عن حقوق الإنسان الذين ألقي القبض عليهم يوم السبت الماضي، في مظاهرة للاحتجاج على فرض حظر على المتظاهرين.
كما قامت الصحيفة بنشر بيان بيتر جريستيي الذي نشر على موقع "فيسبوك" عن طريق إخوته، وقال فيه، إنه وزملاءه ممتنون للدعم الشعبي "الفائق وغير المسبوق" الذي تلقوه، والذي "جعلنا أقوى وقادرين على مواصلة المسيرة، فيجب علينا جميعا الالتزام بمحاربة هذا الظلم الفادح كلما اقتضت الضرورة".


تحفظ أفريقي

من جهة اخرى، نشرت الصحيفة رسالة من مدير "المؤسسات الديمقراطية للحدّ من الفقر في أفريقيا" سام أكاكي، الذي كتبها تعليقا على حبس صحفيي الجزيرة تحت عنوان "حبس صحفيي الجزيرة يعيد الى الاذهان الذكريات السيئة عن افريقيا".
يقول أكاكي ان الاحكام التي صدرت يوم الاثنين الماضي، والتي تبين انها ذات دوافع سياسية، ليست هي وحدها التي تعيدنا الى الذكريات السيئة عن افريقيا. فخلال العام الماضي فقط، تم الإطاحة بأول حكومة منتخبة ديمقراطيا منذ الاستقلال عن بريطانيا في عام 1922 بواسطة العسكر، وقتل ما يزيد على ألف متظاهر أعزل، وتم اجراء اختبارات عذرية قسرا على الفتيات، وتم تحويل حزب سياسي الى منظمة إرهابية محظورة. وأصدرت المحكمة احكاما بإعدام ما يزيد على 600 معارض، والآن حكمت على أربعة من صحفيين دوليين بالسجن مدد طويلة.

واضاف، انه ينبغي على الاتحاد الأفريقي أن ينأى بنفسه عن هذا الجنون السياسي الذي تعيشه مصر بان يلغي عضوية مصر به. والخطوة الأهم أن تبلغ الدول الاعضاء مصر انها لن تقوم باعتقال وتسليم الصحفية سو تورتن، التي حكم عليها بالسجن 10 سنوات غيابيا، إذا ما أرسلتها قناة الجزيرة الى تغطية احداث في تلك البلاد.

بداية عهد جديد من الاستبداد
نشر موقع مجلة "فورين بوليسي" مقالا عن اقتراح نواب الكونجرس الأميركي إرسال معونات إلى مصر من أجل إصلاح النظام القضائي بعد أحكام صحافيي الجزيرة. واعتبرت "فورين بوليسي" أن تصعيد الحكومة المصرية حملتها على حرية الصحافة والمعارضة السياسية بعد زيارة وزير الخارجية جون كيري للقاهرة، يعد نكسة محرجة لإدارة أوباما، ويثير تساؤلات جديدة حول دعم البيت الأبيض للنظم القمعية. فخلال الزيارة التي قام بها كيري للقاهرة يوم الأحد، وتعهد فيها باستئناف ضخ مئات الملايين من الدولارات من المساعدات العسكرية الأميركية للقاهرة، وتسليم الولايات المتحدة لمصر عشر مروحيات أباتشي، هذه المعونات الآن تتعرض لانتقادات حادة للغاية بعد إدانة ثلاثة صحافيين بتهمة نشر أخبار كاذبة والتآمر مع جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة.

وفي واشنطن دان أعضاء الكونجرس الحكم الصادر يوم الإثنين الماضي، بما في ذلك بعض الديمقراطيين. ودعا بعضهم إلى إجراء إصلاح شامل للمعونات الأميركية لمصر، واعتبروا أن مساعدة الإدارة الأميركية للنظام الحالي هو إعلان قطيعة مع النشطاء المصريين. وصرح رئيس لجنة حرية الصحافة بالكونجرس، النائب آدم شيف: "ليس هذا طريق الديمقراطية، أو حتى بلد في طور التحول إلى دولة ديمقراطية، لذا ينبغي أن نتصرف".
وقد تحدث العديد من الأعضاء عن وجوب إيقاف المعونة حتى تلتزم الإدارة المصرية بإلغاء الأحكام وتنفيذ مبادئ حقوق الإنسان. وصرّح السيناتور ليهي، في بيان له "أن الإجراءات التعسفية التي تم اتخاذها ضد الصحافيين تسير إلى بداية عهد جديد من الاستبداد".

الأحكام الصادرة بحق الصحافيين جعلت موقف إدارة أوباما حرجاً للغاية، فقد ضغط أوباما وإدارته من أجل استئناف المعونات، بحجة أن مصر حليف مهم للولايات المتحدة، رغم المشاكل التي تعانيها في مجال حقوق الإأنسان، مما بدّد ادعاءات الولايات المتحدة بأن مصر في طريقها للديمقراطية، وأنها سوف تستقر، بينما العراق وسورية يعانيان من التفكك، ما يعني أن الولايات المتحدة في حاجة للضغط على حليفتها من أجل كبح جماحها.

المساهمون