"كورونا" في السعوديّة: إبل الصومال متّهمة

"كورونا" في السعوديّة: إبل الصومال متّهمة

28 يونيو 2014
من المحتمل وقف واردات الجمال من الصومال إلى السعوديّة(Getty)
+ الخط -

صرّح المستشار الطبي لوزارة الصحة السعوديّة، طارق مدني، في حديث إلى وكالة "رويترز"، أن المملكة تشتبه في أن فيروس كورونا، الذي أودى بحياة مئات في السعوديّة، ربما حملته إبل من القرن الأفريقي، وأنها قد تمنع هذه الواردات إلى أن يتضح الأمر أكثر.

وقال مدني، الذي يرأس المجلس الطبي الاستشاري لمركز القيادة والتحكم التابع لوزارة الصحة السعوديّة: "لدينا شكوك في أن المرض ربما يكون قد انتقل من خلال تجارة الإبل مع القرن الأفريقي، لكننا لم نتأكد من هذا بعد". وأضاف أن الخبراء يفحصون حالياً الإبل في الموانئ قبل أن تسمح السلطات بدخولها إلى البلاد.

وأوضح مدني: "بما أن هذا مرض ينتقل من الحيوان إلى الإنسان، فإننا نتعاون مع وزارة الزراعة للإجابة على سؤال إن كانت هذه الجمال المستوردة من القرن الأفريقي هي المصدر المحتمل للعدوى"، مشيراً إلى أن القرار النهائي المتعلق بحظر واردات الجمال من تلك المنطقة يرجع إلى وزارة الزراعة. ولم تصدر الوزارة، بحسب مدني، حظراً رسمياً بعد لواردات الإبل، وإن أبلغه مسؤولون فيها أنه يجري بحث هذه الخطوة. وشرح مدني أن السعوديّة تملك الإبل، لكن معظم تلك المستخدمة للذبح والتجارة تستورد من القرن الأفريقي.
تجدر الإشارة إلى أن من شأن أي حظر لتجارة الإبل من تلك المنطقة أن يلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الهشّ في دولة الصومال التي تعد مصدراً رئيسياً للماشية التي تستوردها السعوديّة.

صادرات الماشية
وتعدّ السعوديّة أكبر سوق على الإطلاق للماشية المصدّرة من الصومال، إذ إن 70 في المئة على الأقل من الصادرات الصومالية تتجه إلى المملكة. ومعظم النسبة الباقية تتجه إلى دول شرق أوسطيّة أخرى مثل الإمارات واليمن وقطر ومصر.
وكانت الصومال قد صدّرت نحو 4.7 ملايين رأس في العام 2013، وتمثل الأغنام نحو 80 في المئة من الصادرات تليها الإبل وبعض الماشية الأخرى.

وتمرّ الصادرات بمعظمها عبر ميناءين في خليج عدن، هما بوصاصو وبربرة الواقعان في منطقتين انفصاليتين في شمال الصومال. غير أن مصدر الحيوانات يعود إلى مناطق مختلفة من البلاد، وبعضها يعبر الحدود مع جنوب إثيوبيا وشمال كينيا.

وقالت الخبيرة في علم الفيروسات، ليزا موريلو، التي تعمل في مختبر لوس ألاموس الوطني في الولايات المتحدة، إنها حللت بيانات خاصة بحالات الإصابة بفيروس كورونا بين البشر في الشرق الأوسط وواردات الإبل من القرن الأفريقي، وقد توصّلت إلى نقطة ملفتة تستدعي المزيد من البحث والدراسة.

وأوضحت أنها توصلت من خلال أبحاثها إلى نظريّة "افتراضيّة للغاية"، بحسب ما تقرّ، تربط عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في دول شبه الجزيرة العربيّة بعدد الجمال التي استوردتها هذه الدول. وصرّحت في اتصال هاتفي مع "رويترز"، بأن "هذا الارتباط لافت بقوة".

وأضافت موريلو أن "أهم شيء ينبغي فعله الآن ـ خارج السعوديّة والإمارات ـ هو تتبّع حالات الإصابة بالكورونا بين البشر والإبل في القرن الأفريقي، بخاصة في موانئ الصومال. فإن تبيّن وجود الفيروس في الإبل هناك، فلماذا لا يكون منتشراً بين البشر هناك أيضاً؟".

وقال مدني هنا إن فرق الخبراء العاملة تحت إشرافه في مركز القيادة والتحكم تفعل ذلك في السعوديّة. وأضاف: "نجري حالياً دراسة على الإبل المستوردة من القرن الأفريقي، فنأخذ عينات منها في الموانئ قبل أن نسمح بدخولها، ونأخذ أيضاً عينات من الأشخاص الذين يتعاملون معها لاختبارها مع الأجسام المضادة".

الصومال تكافح
وأشارت موريلو إلى أن بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة الخاصة بأعداد الإبل للعام 2012، تبيّن أن في الصومال سبعة ملايين رأس إبل مقابل 260 ألفاً في السعوديّة.
بالنسبة إلى الخبراء، إذا حظرت السعوديّة الواردات من الصومال، فقد يكون لذلك تأثير قوي على بلد يكافح لإعادة بناء نفسه، في وقت يزداد فيه التمرّد الإسلامي تأججاً.

وكانت السعوديّة قد حظرت سابقاً صادرات الماشية الصوماليّة في العام 2000، على خلفيّة مخاوف من طاعون الماشية وحمى الوادي المتصدّع. وقد وجّه ذلك ضربة قاسية إلى الاقتصاد الصومالي قبل رفع الحظر في العام 2009.

ورأى مسؤول برنامج الصومال المختص بالماشية الحيّة والمصايد في الاتحاد الأوروبي، إرنست نجوروجي، أن ذلك "سيكون خطيراً جداً... سيكون مدمراً للغاية... في العام 2000 كان حظر تام للماشية الحيّة وكان ذلك مدمراً جداً جداً".

ويشكو بعض التجار الأفارقة من أن الصادرات تبدو ضعيفة بالفعل في العام 2014، وإن كانت ذروة موسم التصدير قد بدأت للتو. فمعظم الشحنات تكون قبل عيد الفطر ثم قبيل عيد الأضحى.

تفشي الفيروس يتباطأ

وكانت وزارة الصحة السعوديّة قد أعلنت، مطلع يونيو/ حزيران الجاري، عن إنشاء مركز القيادة والتحكّم خصيصاً للتعامل مع تفشي فيروس متلازمة الشرق الأوسط (كورونا)، الذي أصاب أكثر من 700 شخص في المملكة توفي منهم 292 مريضاً، بحسب آخر إحصاءات الصحة السعوديّة. ولم تعلن عن إصابات جديدة بالمرض في خلال الأيام العشرين الأخيرة.

وقد واجهت السعوديّة انتقادات بسبب أسلوب تعاملها مع تفشي المرض الذي يقول خبراء الصحة العامة إنه كان من الممكن السيطرة عليه لو أن المسؤولين والخبراء في المملكة أبدوا استعداداً أكبر للتعاون مع الدراسات المتعلقة بكيفيّة عمل الفيروس ومصدره. وشدّدوا على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لمعرفة مصدر عدوى كورونا بين البشر وتحديد كيفيّة انتقال الفيروس من الحيوان إلى الإنسان، إلا أن الدراسات المبدئيّة ترجّح أن تكون الإبل مصدره.

وكانت منظمة الصحة العالميّة قد أعلنت، بعد اجتماع طارئ حول مرض كورونا في جنيف في مايو/ أيار الماضي، أن "الارتفاع الكبير في عدد المصابين ناجم عن ضعف التدابير الوقائيّة للسيطرة على انتقال العدوى". لكنها أكدت على أنه "ما من ضرورة لإعلان حالة طوارئ صحيّة عامة شاملة"، في غياب أدلة حول انتقال الفيروس بين البشر.

وتعدّ السعوديّة، التي أقالت مسؤولين كبار في وزارة الصحة بسبب المرض، أول بؤرة للفيروس الذي ظهر في العام 2012، وهي البلد الذي يسجّل أكبر عدد من الإصابات والوفيات حتى الآن.

وقد أعلنت وزارة الصحة السعوديّة أنها اتخذت إجراءات جديدة لتحسين جمع البيانات والإبلاغ عن الحالات والشفافية، ويشمل هذا وضع معايير موحّدة للتحاليل وصياغة توجيهات إرشاديّة أفضل لوضع البيانات على العيّنات وتخزينها، لافتة إلى أن معدل الإصابة في أحدث تفشٍّ للفيروس يتباطأ على ما يبدو.
ويعد فيروس "كورونا"، أو ما يسمى الالتهاب الرئوي الحاد، أحد الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي، ولا توجد حتى الآن على مستوى العالم معلومات دقيقة عن مصدر هذا الفيروس ولا عن طرق انتقاله، كذلك ما من لقاحات وقائيّة وما من مضادات حيويّة لعلاجه. ونتيجة لارتفاع معدل الوفيات بين المصابين به والتقارير التي بيّنت انتقاله بين البشر، ازدادت المخاوف من تحوّله إلى وباء.
 
وحتى الآن أصاب فيروس كورونا أكثر من 800 شخص على مستوى العالم، توفي منهم 310 أشخاص، والحالات بمعظمها في السعوديّة، لكن حالات متفرقة ظهرت في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا والولايات المتحدة الأميركيّة. ويعتقد خبراء أنه يشبه على نحو يدعو إلى القلق، تفشي متلازمة الجهاز التنفسي الحادة المعروفة باسم "سارس" والتي أصابت نحو ثمانية آلاف شخص في العام 2003 وتسبّبت في وفاة نحو 800 منهم. 

المساهمون