"فتح ليكس" بين عباس ودحلان... وأنباء عن "هدنة" إعلامية

"فتح ليكس" بين عباس ودحلان... وأنباء عن "هدنة" إعلامية

21 مارس 2014
الرجوب ودحلان يتنافسان لخلافة عباس (جمال عراري)
+ الخط -

من غير المعروف ما إذا كانت "الهدنة الإعلامية"، التي حصل "العربي الجديد" على معلومات حولها، بين أنصار الرئيس محمود عباس، والقيادي المطرود من حركة "فتح"، المقيم في الإمارات، محمد دحلان، ستجد طريقها إلى التنفيذ من عدمه. وتشير المعلومات من مصادر "فتح" إلى أن اتفاقاً داخل الحركة عُقد اليوم الجمعة، لوقف التراشق الإعلامي بين قيادة الحركة وأنصار دحلان داخلها، وذلك بعدما شهدت الأيام الماضية، حملات إعلامية متبادلة عنيفة، غذّاها بعض الاعلام المصري الذي فتح هواءه لدحلان، من دون إتاحة الفرصة نفسها للقيادة الرسمية الحالية لـ"فتح".

ورغم أن المصادر لم تذكر الوسيط الذي نجح في إبرام الاتفاق وفحواه، إلا أنها أعربت عن خشيتها من ألا يصمد الاتفاق طويلاً، وخصوصاً في ظل سعي أنصار دحلان، عبر وسائل إعلام يمتلكونها، وأخرى مؤيدة لهم، إلى بث "شائعات" عن عباس وأسرته.

وفي السياق، حذّرت الحكومة الفلسطينية المقالة التي تقودها حركة المقاومة الاسلامية، "حماس"، في غزة، من تصعيد إعلامي تتوقع حصوله من قبل "فتح" ضدها، بهدف "حرف الأنظار عن التراشق الإعلامي بين عباس ودحلان"، بحسب المستشار الإعلامي للحكومة، طاهر النونو.

وقال النونو على صفحته في موقع "فيسبوك": "وصلتنا معلومات مؤكدة أن تعليمات صدرت للناطقين باسم حركة فتح وإعلامييها وصفحاتها الإلكترونية، سواء التابعة لعباس أو دحلان، للتصعيد الاعلامي ضد حركة حماس والتحريض ضدها وخاصة في الإعلام المصري".

وأضاف النونو أن هذه التعليمات تستهدف تحقيق هدفين؛ "الأول جر حماس إلى مناكفة إعلامية مع فتح تُنسي الناس ما تم تراشقه من اتهامات بين تيارات فتح، والثاني إعادة إشغال الجمهور الفلسطيني بالانقسام وتداعياته، وكذلك تحريض الجمهور المصري على حماس وإبعاده عن نقاش الخلاف الفتحاوي الداخلي".

وكانت حرب التسريبات بين عباس ودحلان، قد وصلت إلى ذروتها، ولم تقف نيران عند الخصمين، بل امتدّت إلى كوادر وقادة "فتح"، الأحياء منهم والأموات.

وما جرى في مخيم قلنديا للاجئين، شمال مدينة القدس المحتلة، قبل يومين، هو "سيناريو" بسيط عما ستحمله الأيام المقبلة إذا استمرت تسريبات "فتح ليكس"، إن جاز التعبير. فقد قامت عائلة الشهيد بشير نافع، الذي قُتل في تفجيرات فنادق الأردن عام 2005، بإطلاق النار في الهواء، وإغلاق الشارع الرئيسي قرب المخيم، مثلما يظهر في الفيديو، وذلك بعد تداول مواقع الكترونية فلسطينية، ما قيل إنه ملفّ التحقيق مع محمد دحلان، وورود اسم نافع على انه كان يسعى إلى "خنق" الراحل ياسر عرفات سياسياً، و"تدمير الأمن الوقائي".

الاقتباس الذي أقام مخيم قلنديا ولم يقعده، جاء على لسان عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، رئيس جهاز الأمن الوقائي سابقاً، اللواء جبريل الرجوب، قائلاً إنّ "إسرائيل تلعب في وضعنا الداخلي، وكان من أهداف تشكيل الوحدات الخاصة بقيادة بشير نافع، تدمير الأمن الوقائي في الضفة الغربية". أما الوثيقة الثانية التي أتت على ذكر نافع، فهي منسوبة للرجوب أيضاً: "خرج بشير نافع مرة أخرى، وأدخل إلى الخليل 60 بندقية أم 16، وأعيد تشكيل الوحدات الخاصة، وبدأت تتصاعد الامور لخنق أبو عمار، وإعادة بناء النظام السياسي وبناء شيء أسوأ من لحد (نسبة لأنطوان لحد، قائد فرقة الجيش اللبناني المتعاملة مع الاحتلال الإسرائيلي قبل العام 2000) في لبنان، ولدي وثائق لها علاقة بإسرائيل".

انتهت الاقتباسات من الأوراق الكاملة التي نشرتها "شبكة أوراق الاخبارية"، وتم تداولها، وهي مطبوعة على أوراق مدموغة بشعار حركة "فتح"، ومذيّلة بـ"حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ــ أمانة سر اللجنة المركزية". وسواء أكانت هذه الأوراق والوثائق صحيحة أم لا، فإن نشرها في وقت تعيش فيه الحركة أجواء شديدة الإحتقان والاستقطاب بين عباس ودحلان، لا سيما بعد خطاب عباس أمام المجلس الثوري أخيراً، كان كافياً لِإشعال النار في الحركة.

لم تنتظر عائلة نافع التأكد من صحة الأوراق التي تم تسريبها، بل سارعت إلى حمل السلاح والتهديد به، في مشهد يذكر ببداية انتفاضة الأقصى، حين كان أنصار ونشطاء حركة "فتح" يحملون السلاح علانية، قبل أن تصبح خطة الجنرال الأميركي كيث دايتون الأمنية قيد التطبيق، ويمنع ويصادر "أي سلاح غير شرعي"، في إشارة إلى سلاح المقاومة الفلسطينية.

ولأن مخيم قلنديا للاجئين، الذي يطلق عليه اسم "قلعة الشهيد بشير نافع"، يُعتبر من مراكز القوى في حركة فتح، ولا يمكن الاستهانة بغضب سكانه، فقد سارعت أمانة سر اللجنة المركزية للحركة إلى نشر بيان ينفي قطعاً ما تم تناقله عبر المواقع الإلكترونية. وأكد البيان "اعتزاز الحركة بوطنيته (نافع) كأحد أبرز شهدائها وقادة أجهزتها الأمنية وهو فوق كل الترهات".

لم تكتفِ امانة سر اللجنة المركزية بنشر البيان على المواقع الإلكترونية الإخبارية، بل نشرته أيضاً على الصفحة الأولى لصحيفة "القدس" الفلسطينية الأكثر انتشاراً وتوزيعاً بين الصحف المحلية، مؤكدة عبر بيانها أن "ما يدعو إلى الاشمئزاز، هو النبش السلبي في حياة الشهداء والافتراءات عليهم".

ونافع كان أحد كوادر "فتح" ورئيس الوحدات الخاصة التي تتبع لجهاز "الأمن الوطني"، والتي شكلها الراحل ياسر عرفات عام 2003، وجرى حلها لاحقاً. وقد تولى نافع رئاسة الاستخبارات العسكرية الفلسطينية، قبل أن يُقتل أثناء وجوده في أحد فنادق عمان التي تم تفجيرها في التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

ورجحت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أن تكون التسريبات من أحد أعضاء مركزية حركة فتح لـ"ضرب" الرجوب، المقرب من الرئيس الفلسطيني، وخصوصاً أنه المنافس القوي لدحلان كي يكون بديلاً لعباس.

لكن كل محاولات المسؤولين في "المقاطعة"، مقر الرئاسة، لتهدئة غضب مخيم قلنديا، باءت بالفشل، إذ أصر إقليم "فتح" في المخيم، وعبر بيان أصدره مساء أمس الخميس، على مطالبة "اللجنة المركزية بتوضيح قاطع ورسمي للحاضر والتاريخ بخصوص النصوص الواردة في أوراق (أمانة سر اللجنة المركزية)، والمتعلقة بالأخ القائد الشهيد بشير نافع وبتشكيل جهاز الوحدات الخاصة، ولا يكفي الكلام الهلامي الذي ورد عن أمانة سر اللجنة المركزية للحركة".

وأكدت مصادر من عائلة نافع: "أنّ الأمر لن يتوقف هنا، ونريد أن نطلع على الأوراق الأصلية لمحضر امانة سر اللجنة المركزية".

دلالات