"بلاكووتر" تُقلق روسيا: هل تشارك في عمليات الجيش الأوكراني؟

"بلاكووتر" تُقلق روسيا: هل تشارك في عمليات الجيش الأوكراني؟

14 يونيو 2014
تخلق مشاركة عناصر أجانب معضلة كبيرة (فرانس برس/Getty)
+ الخط -
تختلط الآراء بالمعلومات حول استخدام السلطات الأوكرانية عناصر الشركة الأمنية الأميركية الخاصة، "بلاكووتر" (التي أصبح اسمها "أكاديمي")، في عملية "تأديب" انفصاليي جنوبي شرق أوكرانيا، الموالين لروسيا، واغتيال بعضهم. وما زاد من غموض الأوضاع، زيارة رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية، جون برينان، إلى كييف، بطريقة سريّة وعاجلة.

لم يكن صحافي "بي بي سي ـ روسيا"، سيرغي بيريز، سبّاقاً في 13 مارس/ آذار الماضي، في تأكيده أن "عناصر شركة أكاديمي الخاصة، يشاركون في الصراع الدائر في شرق أوكرانيا"، بل سبق أن أوردت وسائل إعلام روسية عدّة الخبر، نقلاً عن صحيفة "بيلد أم زونتاغ" الألمانية. علماً أن مجلة "ديرشبيغل" الألمانية، أكدت "مشاركة مرتزقة أميركيين في العملية العسكرية التي تشنّها كييف، في المناطق الجنوبية الشرقية من أوكرانيا".
وذكرت أن "نحو 400 من مقاتلي النخبة في شركة أكاديمي، يشاركون في العملية العسكرية".
وأشار صحافي "بي بي سي" إلى أن "ديرشبيغل استندت في مادتها إلى بيلد زونتاغ، التي نقلت عنها وسائل الإعلام الروسية أيضاً". وهنا يتوقف بيريز عند صيغة عنوان المادة في المصدر، ويرى أنها جاءت على شكل سؤال: "هل يقاتل مرتزقة من الولايات المتحدة في أوكرانيا؟".
كما جزمت "ديرشبيغل" بأن "الحكومة الألمانية على علم بذلك منذ 29 أبريل/ نيسان الماضي، وكذلك كبار المسؤولين الأمنيين في ألمانيا".

نفي "أكاديمي"
وكانت شركة "أكاديمي" قد سارعت الى نفي خبر مشاركتها في العملية الأوكرانية، لحظة الإعلان عنه، وذلك في بيان نشرته في 17 مارس/ آذار الماضي، تحت عنوان: "حقائق حول الخبر المنشور عن أكاديمي في أوكرانيا"، وجاء فيه أن "بعض المدوّنين عديمي المسؤولية، وأحد مراسلي الصحافة الالكترونية، نشروا شائعات عن أن عناصر أكاديمي موجودون في أوكرانيا تحت اسم بلاكووتر. نؤكد أن لا وجود للعناصر هناك، ولا علاقة لأكاديمي بالمنظمة المسماة بلاكووتر أو بصاحبها إيريك برينسون".
ونقلت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية، عن ممثلة شركة "أكاديمي"، كالي وانغ، من واشنطن، تأكيدها أن "الشركة لا تشارك في الأحداث الأوكرانية عبر مرتزقة". وجزمت أنه "ليس هناك أحد في أكاديمي يمكن أن يعمل في أوكرانيا في أي ظرف من الظروف"، نافية "العلاقة مع شركة الحراسة الخاصة، غريستون، المتّهمة أيضاً بالعمل في أوكرانيا".

استفسار روسي وتجاهل أميركي

وفي وقت أعربت فيه وزارة الخارجية الروسية عن قلقها إزاء زج المزيد من القوات الأوكرانية في العملية العسكرية شرق البلاد، طلبت من وزارة الخارجية الأميركية التحقق من المعلومات المتداولة عن مشاركة "غريستون" في القتال الدائر هناك. وجاء الردّ الأميركي على لسان وزير الخارجية، جون كيري، الذي أكد أنه "ليس هناك دلائل على مشاركة الشركة المذكورة في أحداث أوكرانيا". امتعضت موسكو، وردّت باقتضاب بأنه "سيؤخذ هذا الجواب بعين الاعتبار"، وفقاً لـ"ريا نوفوستي". وفي 31 مارس/ آذار الماضي، انتقدت وزارة الخارجية الروسية "مشاركة عناصر شركة غريستون في أوكرانيا".

وبعد الأخبار الألمانية، نشرت صحيفة "فزغلاد" الروسية، في 15 أبريل/ نيسان الماضي، حديثاً لمسؤول رفيع المستوى في مجلس الأمن القومي الروسي، لم تكشف عن هويته، أشار فيه الى "اختفاء 20 مواطناً أميركياً في ضواحي دونيتسك (في شرق أوكرانيا)، من المرجّح أنهم عناصر في بلاكووتر". ووفقاً للصحيفة، فإن زيارة برينان المفاجئة إلى كييف هدفها معالجة هذه الأزمة بالتحديد.
وكشفت عن أنه "لم يتمّ العثور على أي أثر للأميركيين بعد اختفائهم، كما أن سلطات كييف لم تستطع مساعدة رئيس الاستخبارات الأميركية بأي شيء".
وعن اختفاء الأميركيين، تحدثت المستشارة القانونية في حركة "الدفاع عن حقوق الإنسان في روسيا"، تاتيانا فولكوفا، الى موقع "برافوسوديجا.نت"، وأشارت الى "توقيف شاحنتين على حاجز بين خاركيف وسلافيانسك، وفيهما عناصر بلباس قوى الأمن الداخلي الأوكراني، مسلّحون تسليحاً جيداً ومعدّون جسدياً ونفسياً. وعند تفتيشهم، تبيّن أن معظمهم من مواطني الولايات المتحدة، وكثيرون منهم لا يعرفون اللغة الأوكرانية أو الروسية". من هنا، جزمت فولكوفا بـ"مشاركة عناصر أميركيين في عملية سلافيانسك الأمنية".

برينان في كييف

وكانت مصادر إعلامية أوكرانية أكدت وصول برينان إلى كييف، يوم السبت 12 أبريل/ نيسان، رغم أن الادارة الأميركية ماطلت في تقديم جواب مقنع للروس عمّا إذا كانت الزيارة قد تمت أم لا، لكن بحسب "فزغلاد"، فقد أكدت واشنطن الزيارة لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بعد ردّ غامض في البداية.
وفي السياق، أعلن الرئيس الأوكراني المخلوع، فيكتور يانوكوفيتش، أن "السلطات الأمنية الأوكرانية قررت شنّ العملية العسكرية شرق أوكرانيا، بعد زيارة رئيس الاستخبارات الأميركية لكييف".
لكن قناة "روسيا اليوم"، أكدت مشاركة عناصر شركة "غريستون" في عملية شرق أوكرانيا، منذ 25 مارس/ آذار الماضي. وأعلنت أن "الملياردير إيغور كولومويسكي، المتّهم، بناءً على تسجيلات صوتية بثتها قنوات إعلامية مختلفة، بتدبير حريق مبنى النقابات في أوديسا وتمويله، اقترح دعوة غريستون للمساعدة في حل مشاكل أوكرانيا الداخلية".
وعادت "فزغلاد" لتؤكد، في السياق عينه، "استخدام ثلاث تشكيلات مسلحة لقمع الانتفاضات الشعبية في دونيتسك ولوغانسك، ومشاركة مرتزقة من بلاكووتر بلباس القوات الأوكرانية الخاصة، سوكول". وأكد موقع "لايف نيوز.رو" تلك المعلومات.

قَتَلة محترفون

الأبرز، حدث في السابع من يونيو/ حزيران، حين كشفت وكالة "إيتار تاس" الروسية، عن اغتيال مكسيم بيتروخين، أحد مساعدي رئيس المجلس الأعلى في "جمهورية دونيتسك الشعبية"، المعلنة من طرف واحد، دينيس بوشيلين. وأفادت أنه "اغتيل بالقرب من مبنى إدارة المنطقة، بإطلاق الرصاص عليه من نافذة سيارة تحركت في محاذاة سيارته". وسرعان ما بدأت الشكوك تدور حول عناصر الشركة الأمنية الأميركية.
ففي متابعة للملف، كشفت قناة "أن تي في" الروسية، عن "استخدام تكنولوجيا متطوّرة، تمكّنت من إطفاء محرك سيارة المغدور في اللحظة المناسبة"، وعزّز كلام بوشيلين عن الأمر، الاعتقاد نفسه، حين أشار الى أن "محرك السيارة التي كان يستقلّها بيتروخين، انطفأ عند تقاطع طرق، وفي اللحظة نفسها دنا مرتزقة وأطلقوا النار مباشرة عليه".
وأضاف: "عملوا بحِرَفية عالية واستخدموا تكنولوجيا باهظة الثمن لإيقاف السيارة وإطفاء جهاز الكومبيوتر الخاص بها، وظهر ذلك في تسجيلات الكاميرات. كل شيء واضح بدقة".

يُذكر أنه تم تغيير اسم "بلاكووتر" في البداية إلى "اكسي" ثم إلى "أكاديمي" في العام 2009،  واوضحت كالي وانغ، أن "الشركة المعروفة باسم غريستون تُعتبر من مجموعة ذا برينس غروب، العائدة لمؤسس بلاكووتر، إيريك برينسون"، وشددت على أنه "منذ ذلك الوقت، لم يعد هناك صلة قانونية بين أكاديمي وغريستون".
وسبق لـ"بلاكووتر"، التي تستمدّ منها شركتا أكاديمي وغريستون تاريخهما، أن شاركت قبل العام 2009 في حرب العراق، وارتكبت جرائم بحق مدنيين، كما أنها في العام 2004 قتلت 600 مدني عراقي بعد مقتل 4 من عناصرها على يد مسلحين.