"الاعتدال" المفاجئ طريق ليبرمان إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية؟

"الاعتدال" المفاجئ طريق ليبرمان إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية؟

09 فبراير 2014
+ الخط -
لم يتوقف وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، منذ عودته إلى وزارة الخارجية في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، عن تفجير المفاجآت على الساحة السياسية الإسرائيلية، لدرجة بدا فيها كأن الرجل اليميني المتطرف، بات ينافس حزب العمل على "الاعتدال". فمنذ عودته، استطاع ليبرمان أن يعلن عن مواقف عدة اعتبرها الإسرائيليون مفاجئة من قبل صاحب مشروع ترحيل فلسطيني الـ48. فهو الذي نافس ولا يزال ينافس رئيس حكومته بنيامين نتنياهو وحزب "البيت اليهودي" على أصوات اليمين الإسرائيلي والمستوطنين. ظنّ كثيرون أن أحدث مفاجآت ليبرمان تتمثل بإعرابه، قبل أيام، عن الاستعداد لتفكيك المستوطنة التي يسكنها، "نوكديم"، في الضفة الغربية، لصالح تسوية مع الفلسطينيين، غير أنه عاد وفاجأ الإسرائيليين بتصريحات "معتدلة" جديدة، وفق المعايير الإسرائيلية، عندما دافع عن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، "الصديق القديم لإسرائيل"، على حد تعبيره، واقتباس ليبرمان تصريحات كيري المؤيدة "لتسوية مع الفلسطينيين"، على قاعدة أن "وحدة الشعب اليهودي" تسبق "أرض إسرائيل الكاملة".

لكن صحيفة "يديعوت أحرونوت" اعتبرت أن ليبرمان، الذي كان يكرر حتى قبل وقت قصير أنه لا أمل بتسوية مع الفلسطينيين، أدرك في ولايته الثانية في وزارة الخارجية، على ما يبدو، أنه لا يمكنه مواصلة تأدية الدور السابق في تحدّي وزارة الخارجية الأميركية والإدارات الأميركية. ووفق "يديعوت"، يحاول ليبرمان بناء مكانته كسياسي معتدل ومتزن وبالغ، "ولكن ليس واضحاً بعد ما إذا كنا أمام تغيير جوهري أم مجرد تغيير في التكتيك". ووفق التحليل نفسه، فإنّ ليرمان يحاول الاقتراب من منصب رئيس الحكومة، "لكن الشيء الأكيد هو أن الأميركيين أحبوا خطاب ليبرمان الأخير جداً".

يمكن القول إن تصريحات ليبرمان الأخيرة، ومن ضمنها استعداده تفكيك المستوطنة التي يعيش فيها، ليست جديدة، فقد سبق له أن أطلق الموقف نفسه المتعلق بمنزله قبل سنوات، لكنه كان دائماً يربط استعداده بالتوصل إلى تسوية، وهذا ما يقوله اليوم عندما يدعم علناً جهود كيري. ولأنّ الشيطان يسكن في التفاصيل، لا يفوت ليبرمان التذكير الدائم بأن دعم المفاوضات الحالية "لا يعني بالضرورة القبول بشروط ومقترحات كيري كاملة، بل إن هذه المقترحات تشمل نقاطاً تقبلها إسرائيل، وأخرى ترفضها، كاقتراح نشر قوات دولية في غور الأردن".

وفي محاولة لتفسير التحوّل الكبير عند ليبرمان، من دعواته السابقة إلى نسف سور أسوان وضرب إيران، إلى تصريحاته الأخيرة "المعتدلة"، ترى المحللة للشؤون الحزبية، سيما كدمون، أن وزير الخارجية معروف بواقعيته الباردة، "فهو يعرف أن المهاجرين الروس لم يعودوا يتدفقون على حزبه، كما أن طريقه لقيادة الليكود من الداخل (عبر حل حزبه "إسرائيل بيتنا" والاندماج في الليكود) موصدة أمامه، وبالتالي فإن الباب الوحيد المشرع أمامه لرئاسة الحكومة هو عبر التوجه نحو اليسار. لكن كدمون تشرح مفهوم اليسار الذي يحاول ليبرمان تقمّصه، وهو "اليسار المنضبط والمعتدل"، الذي يقوم على التحالف مع نتنياهو لشق حزب الليكود، وتشكيل حزب جديد "سيجرف أصوات الوسط في إسرائيل". وبحسب كدمون، فإن هذا هو الطريق الوحيد الذي سيوصله إلى رئاسة الحكومة، عبر نتنياهو وليس عبر أقطاب اليمين في "الليكود"، أمثال ياعلون ودانون. وتشير المحللة إلى أنه "حتى يتم له ذلك، يبقى ليبرمان هو عملياً صاحب الكتلة الوحيدة التي يمكنها كسر التوازن القائم في الائتلاف الحكومي بين اليمين واليسار" (الممثل بلفني ولبيد).

ويمكن القول إن ليبرمان يمارس "اعتداله" هذا في واقع افتراضي، فما دام يعرف أن مقترحات كيري لن تُقبل في إسرائيل، وما دام الطرف الفلسطيني لن يتنازل عن نشر قوات دولية في الغور، فإن آفاق التوصل لاتفاق تبقى معدومة. غير أنّ بمقدور الرجل تسجيل نقاط تفوُّق على خصومه السياسيين، من دون أن يقدم تنازلاً حقيقياً واحداً؛ فلا اتفاق في الأفق ولا تنازل عن مشروع الترحيل وتبادل الأراضي، لذلك، تبقى تصريحاته محصورة بأغراض السياسة الداخلية لا غير، في واقع افتراضي غير ملزم لأحد.

المساهمون