نتنياهو يحاول منع صدور مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية

نتنياهو يطرق جميع الأبواب لمنع صدور مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية

02 مايو 2024
من تظاهرة أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد الحرب على غزة، 18 أكتوبر 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الضغط الدولي يزداد على إسرائيل بسبب أعمالها العسكرية في غزة، مع مخاوف من إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو ومسؤولين كبار من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
- إسرائيل تسعى لتخفيف الضغوط بزيادة المساعدات الإنسانية لغزة واستغلال علاقاتها الدولية للتأثير على قرارات المحكمة، محذرة من تداعيات سلبية على السلطة الفلسطينية.
- الولايات المتحدة تعارض التحقيقات ضد إسرائيل وتحذر من تداعيات إصدار مذكرات الاعتقال، مؤكدة على دورها في الضغوط الدبلوماسية لمنع تصعيد الوضع.

ليس مؤكداً إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وعدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، لكن لا شك في أن هذه المسألة تترك إسرائيل تحت ضغط كبير. هذا الضغط يدفع إسرائيل إلى طرق كل باب متاح لمنع إصدار المذكرات، بما في ذلك طلب مساعدة مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين، واستغلال نتنياهو الصداقة التي نشأت بين عائلات المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة من جهة، والمدّعي العام في المحكمة الجنائية الدولية كريم خان وموظفي مكتبه من جهة أخرى.

وتحوم مذكرات اعتقال محتملة فوق رؤوس عدد من المسؤولين الاسرائيليين، على وقع حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ودفعت مخاوف نتنياهو في الآونة الأخيرة للتأكد بنفسه من سماح إسرائيل بدخول كميات أكبر من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

ضغط هائل يعانيه نتنياهو من قرار المحكمة الجنائية الدولية المحتمل

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الخميس، عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع قوله إن نتنياهو يشعر بتوتر كبير وضغط هائل إزاء احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات ضد مسؤولين إسرائيليين، ويضغط بنفسه على المؤسسة الأمنية من أجل إدخال كميات أكبر من الغذاء والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وأضاف المسؤول الأمني: "نفس الشخص (نتنياهو)، الذي ضغط علينا طوال الوقت لتفجير المعابر (الحواجز) المؤدية إلى غزة في بداية الحرب، يطلب الآن العكس، وفتح معبر إيريز في أسرع وقت ممكن". وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس، في بيان له، السماح بإدخال مساعدات إنسانية عبر معبر بيت حانون (إيريز) لأول مرة منذ بداية الحرب الحالية.

وتُسمع في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أيضاً أصوات تعتقد أن إدخال المساعدات يمكن أن يساعد في تأخير مذكرات الاعتقال أو منعها. وذكرت "يديعوت أحرنوت" أن إسرائيل توجّهت في الأيام الأخيرة إلى رئيس مجلس النواب في الولايات المتحدة الأميركية مايك جونسون، وإلى أعضاء بارزين في مجلس الشيوخ، لكي يضغطوا بدورهم على المدّعي العام في المحكمة الجنائية الدولية كريم خان لعدم إصدار المذكرات. كما ناقش التوجه الاسرائيلي إمكانية سن الولايات المتحدة قانوناً ضد المحكمة في حال صدور مذكرات اعتقال ضد المسؤولين الإسرائيليين.

وقد تعبّر هذه الخطوة عن وجود مخاوف إسرائيلية حقيقية، وبالمقابل عدم ثقة بالإدارة الأميركية في هذا الشأن. ويبدو أن نتنياهو لا يترك باباً دون أن يطرقه في هذه الفترة، إذ ذكرت القناة 12 العبرية، أول من أمس الثلاثاء، أنه توجّه إلى منتدى عائلات المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة لكي تقوم عائلات في المنتدى بممارسة ضغوط من طرفها على كريم خان.

وفي شهر فبراير/شباط الماضي، سافرت نحو 100 عائلة من عائلات المحتجزين الإسرائيليين رفقة المنتدى إلى لاهاي من أجل رفع دعوى في المحكمة الجنائية الدولية ضد عدد من كبار المسؤولين في حركة حماس، كجزء من محاولتها ممارسة ضغط إضافي على الحركة لإطلاق سراح المحتجزين. وبحسب القناة العبرية، ولدت في تلك الزيارة علاقات وديّة بين جزء من العائلات وبين كريم خان والمسؤولين في مكتبه.

وعلم نتنياهو بالعلاقة التي نشأت بين الأطراف وطلب من منتدى العائلات توظيف علاقاته من أجل إقناع المدّعي العام بالتخلّي عن إصدار أوامر الاعتقال، ويدل ذلك، برأي القناة، على أن نتنياهو يتوجه إلى كل جهة ممكنة من أجل ممارسة الضغوط على خان. في الوقت ذاته، يخشى نتنياهو، وكذلك جهات قضائية وقانونية إسرائيلية، أن تتسبب محاولات الضغط على المدعي العام بنتائج عكسية وتزيد الطين بلة.

حرّية نتنياهو وتنقّل بوتين

إلى ذلك، نقل موقع واينيت العبري، اليوم، عن مسؤول إسرائيلي قوله إن نتنياهو يتخوّف على مصيره الشخصي، "وفي حال صدرت مثل هذه المذكرات، فإن حرّية التنقّل الدولية لنتنياهو ستكون مساوية لحرية (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين، ويبدو أنه (نتنياهو) يدرك ذلك".

وصدرت مذكرة اعتقال بحق بوتين من المحكمة الجنائية في لاهاي منذ مارس/آذار 2023. كما تعتبر عدة أوساط إسرائيلية أنه بعيداً عن المصير الشخصي لنتنياهو، فإن إصدار مذكرات اعتقال ضد مسؤولين اسرائيليين سيشكّل خطراً عليهم، وكذلك على مكانة إسرائيل وعلى المؤسسة الأمنية بأسرها، وعلى جنود الاحتلال الذين شاركوا ويشاركون في الحرب على قطاع غزة.

وفي السياق، أفاد موقع والاه العبري، الليلة الماضية، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين كبار لم يسمهم، بأن حكومة الاحتلال الإسرائيلي حذّرت الإدارة الأميركية من أنها ستعمل على فرض عقوبات ضد السلطة الفلسطينية تؤدي إلى انهيارها، في حال أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين.

ولفت الموقع إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين كبارا آخرين قلقون جداً من احتمال إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرات اعتقال ضده برفقة وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت ورئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي ومسؤولين كبار آخرين، على خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وبعثت تل أبيب في الأسبوعين الأخيرين رسائل إلى واشنطن من خلال عدة قنوات، زعمت من خلالها أن لديها معلومات تشير إلى ضلوع السلطة الفلسطينية في الضغط على مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي كريم خان من أجل إصدار مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبار.

 وذكر "والاه" أن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين كبارا قالوا إن إسرائيل أوضحت لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنه في حال إصدار الجنائية الدولية مذكرات كهذه، فإن إسرائيل ستعد السلطة الفلسطينية مسؤولة عن ذلك وسترد من خلال عقوبات جدية قد تؤدي إلى انهيارها.

ولفت الموقع إلى أن تجميد إسرائيل تحويل أموال الضرائب (المقاصّة) التي تجمعها للسلطة سيكون على الأرجح إحدى العقوبات ضد السلطة الفلسطينية في مثل هذا السيناريو، إذ ترى أن حرمان السلطة من هذه الأموال قد يدفعها إلى الإفلاس والانهيار.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن التهديد بإصدار مذكّرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار "جاد"، مؤكدًا أن حدوث مثل هذا السيناريو سيدفع الحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ قرار رسمي بشأن خطوات مهمة وعقوبات ضد السلطة الفلسطينية قد تؤدي إلى انهيارها.

وطُرحت قضية المخاوف الإسرائيلية من أوامر الاعتقال خلال المحادثة الهاتفية التي أجراها نتنياهو وبايدن يوم الأحد الماضي، وطلب نتنياهو خلالها مساعدة الولايات المتحدة في التصدي لمثل هذه الأوامر. وشدد بايدن أمام نتنياهو على معارضة الولايات المتحدة التحقيقات التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد إسرائيل. وذكر مسؤولون أميركيون كبار أن إدارة بايدن وجّهت رسائل إلى مكتب مدّعي المحكمة، أوضحت فيها أن إصدار مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبار "سيكون خطأ وأن الولايات المتحدة لا تدعم ذلك".

وقال أحد المسؤولين الأميركيين وفقاً للموقع العبري: "نحن نمرر رسائل هادئة إلى المحكمة، ونحث المدّعي على عدم القيام بذلك (إصدار أوامر)، لأن هذا الأمر سيؤدي إلى انفجار كبير وإسرائيل سترد ضد السلطة الفلسطينية". وأشار المسؤول الأميركي إلى أنه على الرغم من الضغوط التي تمارس على المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات اعتقال، إلا أن الولايات المتحدة لا تعتقد أن هذه خطوة من المتوقع أن تتم في الفترة القريبة، وذلك بخلاف المخاوف الإسرائيلية.

المساهمون