الضفة الغربية: دفن جثمان شهيد بلا رأس وآخر يُنتظر تشييع أشلائه

تشييع جثمان شهيد بلا رأس وآخر يُنتظر تشييع أشلائه في الضفة الغربية

15 مايو 2024
لا يعرف إلى الآن إذا كان رأس الشهيد فقها محتجزاً لدى الاحتلال 21 إبريل 2024 (أرشيف/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في ضاحية شويكة بالضفة الغربية، شيّع الفلسطينيون جثماني تامر فقها وعلاء شريتح، عضوين في كتائب القسام، بعد التعرف عليهما عبر فحص DNA، إثر اشتباكات عنيفة في دير الغصون أسفرت عن استشهاد أربعة واعتقال خامس.
- الاشتباكات في دير الغصون كشفت عن نشاط خلية كتائب القسام، مع تأخير في دفن الشهداء بسبب صعوبات في التعرف على الجثامين المشوهة.
- وصايا الشهداء، خاصة علاء شريتح الذي قضى 14 عامًا في الأسر وعاد للمقاومة، تركت أثرًا بالغًا في المجتمع الفلسطيني، مؤكدة على استمرار النضال من أجل الحرية والعدالة.

شيّع الفلسطينيون، الثلاثاء، في ضاحية شويكة، شمال طولكرم، شمال الضفة الغربية جثمان شهيد بلا رأس، وهو تامر فقها (21 عاماً)، عضو خلية كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في طولكرم، فيما يشيعون ظهر الأربعاء أشلاء شهيد آخر هو علاء شريتح (45 عاماً) قائد كتائب القسام في طولكرم، بعد ظهور نتائج فحص الحمض النووي DNA.

وبقي جثمان تامر لأحد عشر يوماً، وأشلاء شريتح لعشرة أيام في ثلاجات مستشفى الشهيد ثابت ثابت في طولكرم بالضفة الغربية بسبب عدم التعرف على هويتهما، فالعائلة أبلغت باحتجاز سلطات الاحتلال جثمانيهما، في 4 مايو/ أيار الجاري؛ حيث استشهد أربعة فلسطينيين واعتقل خامس، فيما قُتل جندي إسرائيلي متأثراً بإصابته؛ إثر اشتباك أعضاء خلية تتبع كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، مع قوات الاحتلال في بلدة دير الغصون شمال شرق طولكرم، في الضفة الغربية.

وكانت والدة فقها، كما أكد مصدر طبي لـ"العربي الجديد"، قد تعرفت على جثمان الشهيد في اللحظات الأولى من بعض العلامات في الجسد، لكنها عادت وقالت إنه لا يعود لابنها، بسبب التشوهات الكبيرة. وحسب مصادر محلية، فإنه بعد معرفة أن الجسد الذي بقي في ثلاجات المستشفى يعود لتامر، لا تزال عائلة فقها لا تعرف إن كان رأس ابنها الشهيد محتجزاً لدى سلطات الاحتلال.

ولم تتوقع عائلة شريتح أن تعود الأشلاء التي انتشلت من داخل المنزل الذي هدمه الاحتلال خلال الاشتباك لعلاء، كما قال شقيقه عبد الجبار شريتح لـ"العربي الجديد"، حيث حصلت العائلة على صورة لجسده كاملاً كان جيش الاحتلال التقطها تحت ركام المنزل وزود بها الارتباط الفلسطيني.

وقال شريتح إن العائلة تسلمت اليوم أكياساً تحتوي على أشلاء مقطعة، وهي تشكّل قرابة 90% من جسد شقيقه الشهيد، وهو يعتقد بأن رأس شقيقه محتجز لدى سلطات الاحتلال. وحسب شريتح؛ فإن وجود صورة لجسد كامل لشقيقه علاء يشير إلى أن قوات الاحتلال انتشلت الجثمان عبر جرافة من المنزل المهدم في الضفة الغربية، وقامت بدعسه بالجرافة، ما أدى إلى تمزقه، وأشار إلى وجود أشلاء أخرى في المشفى لا تعرف لمن؛ ولكن حجمها صغير مقارنة بأشلاء شقيقه.

وسوف تشيّع عائلة شريتح أشلاء ابنها بعد صلاة ظهر غد الأربعاء، بالمقبرة الغربية في مدينة طولكرم في الضفة الغربية. وكانت وزارة الصحة قد أعلنت مساء يوم الاشتباك عن إبلاغها من الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية باستشهاد أربعة فلسطينيين، ووصول شهيد خامس لم تعرف هويته إلى مستشفى ثابت ثابت في الضفة الغربية، ليتبين ظهر الثلاثاء، بعد وصول نتائج فحص الحمض النووي من الأردن، أن الجسد لتامر فقها.

"القسام" في الضفة الغربية

الاشتباك المسلح الذي استمر لساعات طويلة في دير الغصون كشف عن خلية لكتائب القسام، في رصيدها عدد من العمليات النوعية والمركبة، من أبرزها، كما أعلنت "القسام"، عملية بيت ليد شرق طولكرم؛ في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وأدت إلى مقتل جندي احتياط إسرائيلي وإصابة آخر، وعملية النبي إلياس شرق قلقيلية في السابع من إبريل/ نيسان الماضي.

وكانت كتائب القسام قد كشفت عن ثلاثة من الشهداء مقاتلين أو قادة فيها، وهم علاء شريتح، قائد الكتائب في طولكرم، وتامر فقها، وهو أحد منفذي عمليتي بيت ليت والنبي إلياس، وعدنان سمارة، فيما كشفت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، عن انتماء الشهيد الرابع الداعية آسال بدران لها. وبإعلان نتائج فحص الحمض النووي يتبين أن عدد شهداء الاشتباك أربعة فلسطينيين، وليس خمسة كما كان يعتقد.

وأعلنت كتائب القسام أن الشهيد تامر فقها أحد مقاتليها، وأحد منفذي عمليتي بيت ليد والنبي إلياس المركبتين، ويبلغ من العمر 21 عاماً، وهو طالب بكلية الشريعة في جامعة النجاح بمدينة نابلس، وقد نعته الكتلة الإسلامية في الجامعة؛ الإطار الطلابي لحركة حماس، فقد كان أحد كوادرها.

ولم يكن فقها ابن ضاحية شويكة، شمال طولكرم في الضفة الغربية، مطلوباً للاحتلال قبل مطاردته، ولم يعتقل في سجونه، لكنه اعتقل لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وبدأت مطاردته منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد عملية بيت ليد، وتعرّضت عائلته لمضايقات الاحتلال، حيث اقتحم منزل عائلته أكثر من مرة، واعتقل عدد من أفراد أسرته، ويواصل الاحتلال اعتقال والده وشقيقه.

أما علاء شريتح، فقد كشفت كتائب القسام بعد استشهاده أنه قائدها في طولكرم، ونشرت عائلته بعد استشهاده وصية، وجه فيها حديثه لأهله وأمه ووالده وإخوته وأخواته وزوجته وأبنائه؛ أنه لم يخرج إلا "نصرة لدين الله ومسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وانتصاراً لآهات الثكالى، وانتقاماً للدماء التي سالت والأرواح التي أُزهقت في غزة".

وتابع في وصيته: "حجم الإجرام ومشاهد القتل، وأشلاء الأطفال والنساء والشيوخ، وحتى الأجنة لم يسلموا في بطون أمهاتهم؛ أوجب عليّ أن أقف وأقول لا وكفى، بالطريقة التي يفهمها العدو، فعدونا لا يفهم لغة الحوار، لا يفهم إلا لغة واحدة؛ لغة الحراب؛ لغة الرصاص، فلا يعقل أن نطلب المدد والعون والنصر ونقول (وين المسلمين، وين العرب، وين الأمة، وين العالم)، ونحن أبناء فلسطين، أبناء هذه الأرض وأبناء هذه القضية، ونحن من اختصنا الله بنعمة الرباط على أرض فلسطين، فهل نرى كل الذي يحصل ونقف موقف المتفرج؟".

ويبلغ شريتح من العمر 45 عاماً، وقد ولد في طولكرم، لكن عائلته لاجئة من يافا إثر النكبة عام 1948، وهو أب لثلاثة من الأطفال، تزوج بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال عام 2016 بعد اعتقال دام 14 عاماً، حيث اتهمه الاحتلال بالانتماء لحركة حماس، وتفجير عبوات ناسفة خلال انتفاضة الأقصى، وقد اعتقل لدى جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني لمدة أسبوع، بعد الإفراج عنه بشهرين تقريباً، كما أكدت عائلته لـ"العربي الجديد".

وكان شريتح يعمل، قبل اعتقاله، في التبريد والتكييف مع أفراد عائلته، وبعد الإفراج عنه عمل في تجارة السيارات، ولم يمنعه وضعه العائلي، وعمله، وحياته المستقرة، و14 عاماً من الاعتقال، من العودة مرة أخرى للمقاومة مع الشهر الثاني للحرب على غزة.

وطاردت قوات الاحتلال علاء منذ نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقد تعرضت العائلة لصنوف من الاعتداءات منذ ذلك الحين، من اعتقال لزوجته مرات عدة، واعتقال والدته مرتين على الأقل، ووالده مرة، كما اعتقل ثلاثة من أشقائه، وجرى تحطيم معرض للأجهزة الكهربائية لشقيقه، ولا يزال الاحتلال يواصل اعتقال أحد أشقائه، وابن عمه، واثنين من موظفي محل تجاري لعائلته.