كونشيرتو العاشق الغزّاوي

28 نوفمبر 2023
رجلٌ يلقي النظرة الأخيرة إلى ثلاثة من أحفاده الشهداء، دير البلح، 22 الشهر الجاري (Getty)
+ الخط -

إلى روح الروح وجدّها


استهلال

هذه قصيدة لا تقبل المشاركة، لا تقبل المرافقة، ولا المجاورة.  
عن رجلٍ بوجه نبي، رجلٍ يشعّ منه نور.  
لعله كان يسكن بيتاً في أعلى الهضبة أو قارباّ يهتز بنسيم المحبة في بحر غزّة. 

عندما يهدر شجن شفيفٌ في صدر عاشق، ماذا يفعل؟
عندما ترتجف أوراق الشجرة، لأنهما يجلسان تحتها! ماذا تقول الشجرة؟

"طفلتي، تغبطُ: القصب على صفيره، النافذة على حرّيتها، 
الريح على وفائها، النار على فتيلة القوة فيها.
  
هذا ألم ٌ لا أقدر على احتماله!" يقول الجدُّ باسماً.



كونشيرتو العاشق الغزّاوي

هكذا يا ابنتي نخبز الفطيرة في الفرن.
رأيتُ خبّازين تفوح من أثوابهم الطمأنينة،
ورأيت نساءً يمشين في الطرقات يترنَّحن هوناً، مثلما تترنّح عجينةُ أمي.

هكذا يتمهّل الوقت آن تُفرغ الطائرات حمولتها.
سمعتُ عن رجالٍ تسيل من أصابعهم دماء ضحاياهم،
وسمعت عن نساءٍ يرقصن على عويل الثكالى والأمهات.

هكذا بلغ السيلُ الزُّبَى ولا ربوة في المدى ولا مدى.
بيدي هذه مسحتُ على وجوه أطفال قُتلوا غدراً، 
وبيدي هذه شددتُ على سواعد محاربين مقبلين على الموت فرحين.
هكذا إذن تموت الأشجار واقفة كريمة حرّة.
قالت الأرض أنا أشهد على ذلك،
وقالت السماء أنا أشهد على ذلك.


* شاعر من ليبيا

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون